وقد قام سليمان عليهالسلام بالاستفادة من المواهب المذكورة ، ببناء المعابد الضخمة ، وترغيب الناس بالعبادة ، وكذلك فقد نظّم برامج واسعة لاستضافة أفراد جيشه وعمّاله وسائر الناس في مملكته. ومن الأواني التي مرّ ذكرها يمكننا تخيّل أكثر من ذلك.
وفي قبال ذلك طالبه الله تعالى بأداء الشكر على هذه النعم ، مع تأكيده سبحانه على أنّ أداء شكر النعم يتحقّق من فئة قليلة نادرة.
ثمّ اتّضح كيف أنّ رجلا بكلّ هذه القدرة والعظمة كان أمام الموت ضعيفا لا حول له ولا قوّة ، بحيث فارق الدنيا فجأة وفي لحظة واحدة. نعم .. كيف أنّ الأجل لم يعطه حتّى فرصة الجلوس أو الاستلقاء على سريره. ذلك حتّى لا يتّوهم المغرورون العاصون حينما يبلغون مقاما أو منصبا أن قد أصبحوا مقتدرين حقيقة ، فإنّ المقتدر الحقيقي الذي كان الجنّ والإنس والشياطين خدما بين يديه ، والذي كان يجول في الأرض والسماء وقد بلغ قمّة الهيبة والحشمة .. ثمّ في لحظة قصيرة فارق الدنيا.
واتّضح كذلك كيف أنّ عصا تافهة ، أقامت جثمانه مدّة ، وجعلت الجنّ يعملون بجد واجتهاد وهم يلحظون جثمانه الواقف أو الجالس. ثمّ كيف أسقطته الأرضة على الأرض ، وكيف اضطربت بسقوطه الدولة بكلّ مسئوليها. نعم ، عصا تافهة أقامت دولة عظيمة ، ثمّ حشرة صغيرة أوقفت تلك الدولة!!
الجميل هو ما ورد في الرواية عن الإمام الباقر عليهالسلام إذ قال : «أمر سليمان بن داود الجنّ فصنعوا له قبّة من قوارير فبينا هو متكئ على عصاه في القبّة ينظر إلى الجنّ كيف ينظرون إليه إذ حانت منه التفاتة فإذا رجل معه في القبّة قال له : من أنت ، قال : أنا الذي لا أقبل الرشا ولا أهاب الملوك أنا ملك الموت. فقبضه وهو قائم متكئ على عصاه في القبّة والجنّ ينظرون إليه. قال : فمكثوا سنة يدأبون له حتّى بعث الله عزوجل الأرضة فأكلت منسأته ـ وهي العصا ـ فلمّا خرّ تبيّنت الجنّ