الآخرين لسلوك طريقهم. وردّ هذا المعنى أيضا في الآيات ٢٣ ـ الزخرف ، و١١٦ ـ هود ، و٣٣ ـ المؤمنون.
هذه المجموعة لم تقف فقط في وجه الأنبياء فحسب ، بل قبال أيّة خطوة إصلاحية من قبل أي عالم أو مصلح أو مفكّر مجاهد ، فقد كانوا السبّاقين للمخالفة ، ولا يتورّعون في ارتكاب أيّة جريمة وتآمر ضدّ هؤلاء المصلحين.
تشير الآية التالية إلى المنطق الأجوف الذي يتمسّك به هؤلاء لإثبات أفضليتهم ولاستغفال العوام فتقول : (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً).
إنّ الله يحبّنا ، فقد أعطانا المال الوفير ، والقوّة البشرية ، وذلك دليل على لطفه بحقّنا وإشارة إلى مقامنا وموقعنا عنده ، ولذلك لن نعاقب أبدا (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ)! فلو كنّا مطرودين من رحمته فلم سخّر لنا كلّ هذه النعم؟ الخلاصة ، إنّ وفرة النعيم في دنيانا دليل واضح على كونه كذلك آخرتنا!!
بعض المفسّرين احتملوا أن يكون قولهم : (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) دليلا على إنكارهم الكلّي للقيامة والعذاب. ولكن الآيات اللاحقة تدلّل على عدم قصد هذا المعنى ، بل المراد هو (القرب من الله بسبب الثروة التي يملكونها).
الآية التي بعدها تردّ بأرقى أسلوب على هذا المنطق الأجوف الخدّاع وتنسفه من الأساس ، وبطريق مخاطبة الرّسول صلىاللهعليهوآله تقول الآية الكريمة : قل لهم : إنّ ربّي يرزق من يشاء ويقدر لمن يشاء ، وذلك أيضا طبق مصالح مرتبطة بامتحان الخلق وبنظام حياة الإنسان ، وليس له أي ربط بقدر ومقام الإنسان عند الله سبحانه وتعالى : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ).
وعليه فلا يجب اعتبار سعة الرزق دليلا على السعادة ، وقلّته على الشقاء.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ). طبعا أكثر الجهّال المغفّلين هم كذلك ، وإلّا فإنّ هذا الأمر واضح للعارف.
ثمّ تتابع الآيات هذا المعنى بصراحة أكثر. تقول : (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ