مائة ، ولكن أكثر كتب اللغة والتفاسير ذكرت المعنى الأوّل. وإن كان مثل تلك الأعداد لا يقصد بها التعداد ، وتستخدم للتقليل في مقابل سبعة وسبعين وألف وأمثالها التي تستخدم للتكثير ، وبذا يكون المعنى المقصود من الآية ، إنّنا دمّرنا عصاة أقوياء لا يمتلك هؤلاء إلّا جزءا صغيرا من قدرتهم.
وقد ورد نظير هذا المعنى في آيات كثيرة من آيات القرآن الكريم ، من جملتها ما ورد في الآية (٦) من سورة الأنعام (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ). وكذا ورد نظير هذا المعنى في الآيات ٢١ ـ المؤمن ، ٩ ـ الروم.
لفظة «نكير» من مادّة «نكر» والإنكار ضدّ العرفان ، والمقصود أنّ إنكار الله هو تلك المجازاة والعذاب الصادر عنه تعالى (١).
* * *
__________________
(١) ـ بعض المفسّرين احتملوا تفسيرا آخر لهذه الآية ، وهو أنّ المقصود من (وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ) وهو عشر الآيات التي أنزلناها على مشركي قريش لإتمام الحجّة عليهم ، لم ننزّله على الأقوام السابقين ، فإذا كان العذاب الذي عذّبناهم به بتلك الشدّة ، فما بالك بمصير مشركي قريش الذين نالهم عشرة أضعاف الآيات لإتمام الحجّة! ولكن يبدو أنّ التّفسير الأوّل أنسب (وبناء على التّفسير الأوّل فإنّه من أربعة ضمائر موجودة في الآية ، يعود الضميران الأوّل والثّاني على كفّار قريش ، والضمير الثالث والرابع على الكفّار السالفين ، أمّا بناء على التّفسير الثّاني فإنّ الضمير الأوّل يعود على كفّار قريش ، والثّاني على الكفّار السالفين ، والثالث على كفّار قريش والرابع على الكفّار السابقين ـ تأمّل).