الدعاء فهو مستجاب قطعا ، وفي غير هذه الحالة ينبغي عدم انتظار الاستجابة ، (شرح هذا المعنى جاء في تفسير الآية ١٨٦ ـ من سورة البقرة).
وذلك بالضبط كما لو أنّنا أتينا بطبيب حاذق لمريض ممدّد على فراشه ، وعندها نقول له : زادت فرصة النجاة لك ، وفي أي وقت أحضرنا له دواء نذكره بأنّنا قد حللنا له مشكلا آخر ، في حين أنّ كلّ هذه الأمور هي من مقتضيات الشفاء وليست (علّة عامّة) ، فيجب أن يكون الدواء مؤثّرا في المريض ، وأن تراعى توصيات الطبيب ، كما أنّه يجب أن لا ننسى الحمية وأثرها ، لكي يتحقّق الشفاء العيني والواقعي (تأمّل).
ثمّ يضيف تعالى : لأجل إيضاح أنّ ما يقوله صلىاللهعليهوآله هو من الله ، وأنّ كلّ هداية منه ، وأن ليس هناك أدنى خطأ أو نقص في الوحي الإلهي ، (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) (١).
أي إنّني لو اتّكلت على نفسي فسوف أضلّ ، لأنّ الاهتداء إلى طريق الحقّ من بين أكداس الباطل ليس ممكنا بغير إمداد الله ، ونور الهداية الذي ليس فيه ضلال وتيه هو نور الوحي الإلهي.
صحيح أنّ العقل هو مصباح مضيء ، غير أنّ الإنسان ليس معصوما ، وشعاع هذا المصباح لا يمكنه كشف جميع حجب الظلام ، إذا تعالوا وتعلّقوا بنور الوحي الإلهي هذا حتّى تخرجوا من الظلمات ، وتضعوا أقدامكم على أرض النور.
وفي ختام الآية يضيف تعالى : (إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ).
فلعلّكم تعتقدون أنّه تعالى لا يسمع ما نقول وما تقولون ، أو أنّه يسمع ذلك ولكنّه بعيد ، كلّا ، فهو (سميع) و (قريب) ، فلا تعزب عنه ذرّة ممّا نقول أن ندعو.
* * *
__________________
(١) فيما يخصّ لما ذا أورد في الجملة الاولى (عَلى نَفْسِي) وفي الجملة الثّانية (فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) قال بعض المفسّرين : كلّ واحدة من هاتين الجملتين تحتوي على محذوف مقدّر ، والتقدير كاملا «إن ضللت فإنّما أضلّ نفسي وإن اهتديت فإنّما أهتدي لنفسي بما يوحي إليّ ربّي» (تأمّل!!) ـ تفسير روح المعاني ـ تفسير الآية مورد بحثنا.