الابن أن يتحمّل مصائب الأب أكثر وفاء لحقوق الابوّة المترتّبة عليه ، في حين أن أيّا منهما لا يتحمّل أدنى مشكلة عن الآخر ، وكلّ منهما مشغول بأعماله ، وحائر في أمره ونفسه.
وتحذّر الآية في النهاية البشر من شيئين ، فتقول : (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) أي الشيطان.
في الواقع ، يلاحظ هنا نهيان في مقابل الأمرين اللذين كانا في بداية الآية ، فإنّ الإنسان إذا نمت فيه مسألة التوجّه إلى الله ، والخوف من الحساب والجزاء ، فلا يخاف عليه من الانحراف والفساد ، إلّا من طريقين :
أحدهما : أن تغلب زخارف الدنيا وزبرجها الحقائق في عينيه بصور اخرى ، وتسلب منه القدرة على التشخيص ، لأنّ حبّ الدنيا رأس كلّ الخطايا وأساسها.
والآخر : أن تخدعه وساوس الشيطان وتغرّه ، وتبعده عن المبدأ والمعاد.
فإذا أغلق طريقي نفوذ المعصية والذنب هذين ، فسوف لا يهدّده أيّ خطر ، وعلى هذا فإنّ الدساتير والبنود الأربعة أعلاه تمثّل مجموعة كاملة من برنامج نجاة وخلاص الإنسان.
وفي آخر آية من هذه السورة ، وبمناسبة البحث الذي جاء في الآية السابقة حول يوم القيامة ، يدور الكلام عن العلوم المختّصة بالله سبحانه ، فتقول : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) ومطّلع على جميع جزئياته وتفاصيله ...
(وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
فكأنّ مجموع هذه الآية جواب عن سؤال يطرح في باب القيامة ، وهو نفس السؤال الذي سأل المشركون به النّبي صلىاللهعليهوآله مرارا وتكرارا ، وقالوا : (مَتى هُوَ)؟ (١) ، فيجيبهم القرآن عن سؤالهم ، ويقول : لا يعلم أحد بموعد قيام القيامة إلّا الله
__________________
(١) الإسراء ، ٥١.