الحقيقة ، وهذا هو نفس الشيء الذي جاء في دعاء كميل في عبارة علي عليهالسلام العميقة المعنى : «واستشفع بك إلى نفسك».
٣ ـ المراد من «الشفيع» هنا : الناصر والمعين ، ونحن نعلم أنّ الناصر والوليّ والمعين هو الله وحده ، وما قيل من أنّ الشفاعة هنا بمعنى الخلق وتكميل النفوس يعود في الحقيقة إلى نفس هذا المعنى.
وتشير الآية الأخيرة من الآيات مورد البحث إلى توحيد الله سبحانه في البداية ، ثمّ إلى مسألة «المعاد» ، وبهذا تكمل هنا فروع وأركان التوحيد الثلاثة التي اتّضحت في الآيات السابقة ـ (توحيد الخالقية والحاكمية والعبودية) ـ بذكر توحيد الربوبية ، أي تدبير عالم الوجود من قبل الله سبحانه فقط ، فتقول : إنّ الله يدبّر امور العالم من مقام القرب منه إلى الأرض : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ).
وبتعبير آخر ، فإنّ الله سبحانه قد جعل عالم الوجود من السماء إلى الأرض تحت أمره وتدبيره ، ولا يوجد مدبّر سواه في هذا العالم (١).
ثمّ تضيف : (ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) والمراد من هذا اليوم يوم القيامة.
وتوضيح ذلك : أنّ المفسّرين قد تحدّثوا كثيرا في تفسير هذه الآية ، واحتملوا احتمالات عديدة مختلفة :
١ ـ فاعتبرها بعضهم إشارة إلى قوس الصعود والنّزول لتدبير العالم في هذه الدنيا.
٢ ـ وذهب آخرون إلى أنّها إشارة إلى ملائكة الله الذين يطوون المسافة بين السماء والأرض في خمسمائة سنة ، ويرجعون بهذه المدّة أيضا ، وهو مشغولون
__________________
(١) طبقا للتعبير الأوّل فإنّ «السماء» بمعنى مقام القرب من الله ، وطبقا للتعبير الثّاني فإنّ «السماء» تعني نفس هذه السماء ـ تأمّلوا ذلك ـ.