بملاحظة هذه التعبيرات ، والتعبيرات الاخرى التي تقول : (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) (١) ، يتّضح أنّ الآية مورد البحث تتحدّث أيضا عن بداية ونهاية العالم وقيام يوم القيامة ، والذي يعبّرون عنه أحيانا بـ «قوس النّزول» و «قوس الصعود».
بناء على هذا فإنّ معنى الآية يصبح : إنّ الله سبحانه يدبّر أمر هذا العالم من السماء إلى الأرض ـ يبدأ من السماء وينتهي بالأرض ـ ثمّ يعود كلّ ذلك إليه في يوم القيامة.
ونطالع في تفسير علي بن إبراهيم في ذيل هذه الآية : يعني الأمور التي يدبّرها ، والأمر والنهي الذي أمر به ، وأعمال العباد ، كلّ هذا يظهر يوم القيامة فيكون مقدار ذلك اليوم ألف سنة من سنيّ الدنيا.
وهنا سؤال ، وهو : إنّنا نرى في الآية (٤) من سورة المعارج في شأن طول يوم القيامة: (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) فكيف يمكن الجمع بين الآية مورد البحث ، والتي عيّنت مقداره بألف سنة فقط ، وآية سورة المعارج؟!
وقد ورد الجواب عن هذا السؤال في حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام روي في (أمالي الشيخ الطوسي) أنّه قال : «إنّ في القيامة خمسين موقفا ، كلّ موقف مثل الف سنة ممّا تعدّون ، ثمّ تلا هذه الآية : في يوم كان مقداره خمسين الف سنة» (٢).
ومن الطبيعي أنّ هذه التعبيرات لا تنافي عدم كون المراد من عدد الألف والخمسين ألفا ، العدد والحساب هنا ، بل كلّ منهما لبيان الكثرة والزيادة ، أي إنّ في القيامة خمسين موقفا يجب أن يتوقّف الإنسان في كلّ موقف مدّة طويلة جدّا.
* * *
__________________
(١) سورة هود ، ١٢٣.
(٢) تفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ٢٢١ ، وتفسير الصافي ذيل الآية مورد البحث.