ومن حديث الاستثقال والاستخفاف أنك لا تجد فى الثنائى ـ على قلة حروفه ـ ما أوله مضموم ، إلا القليل ؛ وإنما عامّته على الفتح ، نحو هل ، وبل ، وقد ، وأن ، وعن ، وكم ، ومن ، وفى المعتلّ أو ، ولو ، وكى ، وأى ، أو على الكسر ؛ نحو إن ، ومن ، وإذ. وفى المعتل إى ، وفى ، وهى. ولا يعرف الضم فى هذا النحو إلا قليلا ؛ قالوا : هو ، وأما هم فمحذوفة من همو ، كما أن مذ محذوفة من منذ. وأما هو من نحو قولك : رأيتهو ، وكلمتهو ، فليس شيئا ، لأن هذه ضمة مشبعة فى الوصل ؛ ألا تراها يستهلكها الوقف ، وواو هو فى الضمير المنفصل ثابتة فى الوقف والوصل. فأما قوله :
فبيناه يشرى رحله قال قائل : |
|
لمن جمل رخو الملاط نجيب (١) |
فللضرورة ، والتشبيه للضمير المنفصل بالضمير المتصل فى عصاه وقناه. فإن قلت : فقد قال :
* أعنّى على برق أريك وميضهو (٢) *
فوقف بالواو ، وليست اللفظة قافية ، وقد قدّمت أن هذه المدّة مستهلكة فى حال الوقف ، قيل : هذه اللفظة وإن لم تكن قافية ، فيكون البيت بها مقفّى ، أو مصرعا ، فإن العرب قد تقف على العروض نحوا من وقوفها على الضرب ، أعنى مخالفة ذلك لوقف الكلام المنثور غير الموزون ؛ ألا ترى إلى قوله أيضا :
* فأضحى يسحّ الماء حول كتيفتن*
فوقف بالتنوين خلافا على الوقف فى غير الشعر. فإن قلت : فأقصى حال قوله «كتيفتن» ـ إذ ليست قافية ـ أن تجرى مجرى القافية فى الوقف عليها ، وأنت ترى الرواة أكثرهم على إطلاق هذه القصيدة ونحوها بحرف اللين للوصل ، نحو قوله : ومنزلى ، وحوملى ، وشمألى ، ومحملى ، فقوله «كتيفتن» ليس على وقف الكلام
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للعجير السلولىّ فى خزانة الأدب ٥ / ٢٥٧ ، ٢٦٠ ، ٩ / ٤٧٣ ، والدرر ١ / ١٨٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٣٢ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٨٤ ، والكتاب ص ١٤١ ، ولسان العرب (هدبد) ، (ها) ، وبلا نسبة فى الإنصاف ص ٥١٢ ، وخزانة الأدب ١ / ١٥٠ ، ٥ / ٢٦٥ ، ورصف المبانى ص ١٦ ، وشرح المفصل ١ / ٦٨ ، ٣ / ٩٦.
(٢) هو لامرئ القيس فى المعلقة.