حروف ، وموافقة بالحركة والسكون ، فكانت هذه صناعة لفظيّة ، ليس فيها أكثر من إلحاقها ببنائها ، واتساع العرب بها فى محاوراتها ، وطرق كلامها.
والدليل على أن فعللت ، وفعيلت ، وفوعلت ، وفعليت ، ملحقة بباب دحرجت مجىء مصادرها على مثل مصادر باب دحرجت. وذلك قولهم : الشمللة ، والبيطرة ، والحوقلة ، والدهورة ، والسلقاة ، والجعباة. فهذا [ونحوه] كالدحرجة ، والهملجة ، والقوقاة ، والزوزاة. فلمّا جاءت مصادرها على مصادر الرباعيّة ، والمصادر أصول للأفعال حكم بإلحاقها بها ؛ ولذلك استمرّت فى تصريفها استمرار ذوات الأربعة. فقولك : بيطر يبيطر بيطرة ، كدحرج يدحرج دحرجة ، ومبيطر كمدحرج. وكذلك شملل يشملل شمللة ، وهو مشملل. فظهور تضعيفه على هذا الوجه أوضح دليل على إرادة إلحاقه. ثم إنهم قالوا : قاتل يقاتل قتالا ، ومقاتلة ، وأكرم يكرم إكراما ، وقطّع يقطع تقطيعا ، فجاءوا بأفعل ، وفاعل ، وفعّل ، غير ملحقة بدحرج ، وإن كانت على سمته وبوزنه ؛ كما كانت فعلل ، وفيعل ، وفوعل ، وفعول ، وفعلى ، على سمته ووزنه ملحقة. والدليل على أن فاعل وأفعل وفعّل غير ملحقة بدحرج وبابه امتناع مصادرها أن تأتى على مثال الفعللة ؛ ألا تراهم لا يقولون : ضارب ضاربة ، ولا أكرم أكرمة ، ولا قطّع قطّعة ؛ فلمّا امتنع فيها هذا ـ وهو العبرة فى صحّة الإلحاق ـ علم أنها ليست ملحقة بباب دحرج.
فإذا قيل : فقد تجيء مصادرها من غير هذا الوجه على مثال مصادر ذوات الأربعة ؛ ألا تراهم يقولون : قاتل قيتالا ، وأكرم إكراما ، (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) [النبأ : ٢٨] فهذا بوزن الدحراج ، والسرهاف ، والزلزال ، والقلقال ؛ قال :
* سرهفته ما شئت من سرهاف (١) *
قيل : الاعتبار بالإلحاق بها ليس إلا من جهة الفعللة ، دون الفعلال ، وبه كان
__________________
(١) الرجز للعجاج فى ديوانه ١ / ١٦٩ ، والأشباه والنظائر ١ / ٢٨٩ ، وسمط اللآلى ص ٧٨٨ ، وشرح المفصل ٦ / ٥٠ ، ولرؤبة فى خزانة الأدب ٢ / ٤٥ ، ٤٧ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٥٧ ، وليس فى ديوانه ، وتاج العروس (سرهف) ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ١١٥١ ، والخصائص ١ / ٢٢٢ ، ٢ / ٣٠٢ ، والمنصف ١ / ٤١ ، ٣ / ٤. وسرهفته : أحسنت غذاءه.