سلوا صاحبنا أبا الفتح.
وكان ابن جنى يعجب بالمتنبى ويستشهد بشعره فى المعانى ، وهو أول من شرح ديوانه ، وله فى ذلك شرحان : شرح كبير وآخر صغير.
ويذكر الأستاذ محمد على النجار فى ترجمته لابن جنى نقلا عن «البديعى فى الصبح المنبى» قصة تنبئ عن إعجاب ابن جنى بالمتنبى ـ وعن وجوده بشيراز حين كان المتنبى هناك ، وذلك فى آخر حياة المتنبى ، فقد قتل بدير العاقول عند منصرفه من شيراز ؛ ذلك أن أبا على كان إذ ذاك بشيراز «وكان إذا مر به أبو الطيب يستثقله على قبح زيه وما يأخذ به نفسه من الكبرياء. وكان لابن جنى هوى فى أبى الطيب كثير الإعجاب بشعره لا يبالى بأحد يذمه أو يحط منه وكان يسوؤه إطناب أبى على فى ذمه ، واتفق أن قال أبو على يوما : اذكروا لنا بيتا من الشعر نبحث فيه ، فبدأ ابن جنى وأنشد :
حلت دون المزار فاليوم لو زر |
|
ت لحال النحول دون العناق |
فاستحسنه أبو على واستعاده. وقال : لمن هذا البيت فإنه غريب المعنى؟ فقال ابن جنى : للذى يقول :
أزورهم وسواد الليل يشفع لى |
|
وأنثنى وبياض الصبح يغرى بى |
فقال : والله هذا أحسن ، بديع جدا ، فلمن هما؟ قال للذى يقول :
أمضى إرادته فسوف له قد |
|
واستقرب الأقصى فثمّ له هنا |
فكثر إعجاب أبى على ، واستغرب معناه ، وقال : لمن هذا؟ فقال ابن جنى للذى يقول :
ووضع الندى فى موضع السيف بالعلا |
|
مضر كوضع السيف فى موضع الندى |
فقال : هذا والله أحسن! والله لقد أطلت يا أبا الفتح ، فأخبرنا من القائل؟ فقال : هو الذى لا يزال الشيخ يستثقله ، ويستقبح زيه وفعله. وما علينا من القشور إذا استقام اللب! قال أبو على أظنك تعنى المتنبى. قلت نعم».
ولابن جنى مرثية فى المتنبى مطلعها :
غاض القريض وأورت نضرة الأدب |
|
وصوّحت بعد ريّ دوحة الكتب |