قال العلّامة الحجّة والدي قدس سره : هو مجرّب مشهور. وقال العلامة النوري طاب ثراه (١) : المعروف المجرّب هو امساك الإبهام من اصابع الميّت ، وحكى نوّر الله قبره عن قطب الدين محمد بن الشيخ علي اللّاهيجي الاِشكوري في كتابه (محبوب القلوب) انه قال : انّ امساك اليد في النوم عند استخبار حقائِق النشأة الباقية وما ذاق من كيفيّة الموت مرارته عن الموتى والجائِهم الى الاِجابة كما هو المجرّب المشهور والدائِر في الألسن فممّا لا يبعد.
ونقل رحمه الله ايضاً عن (تاريخ الحكماء) للوزير جمال الدين بن القفطي في ترجمة يوسف بن يحيى بن اسحاق السبّي المعروف بابن شمعون قال : قلت له يوماً : ان كان للنفس بقاء يعقل به حال الموجودات من خارج بعد الموت فعاهدني على ان تأتيني ان متّ قبلي ، وآتيك ان متّ قبلك ، فقال : نعم ، ووصيّته ان لا يغفل ومات ، واقام سنين ، ثم رأيته في النوم وهو قاعد في عرصة مسجد من خارج في حظيرة له وعليه ثياب بيض جدد ، فقلت : يا حكيم ألست قرّرت معك ان تأتيني لتخبرني بما لقيت؟ فضحك وادار وجهه فأمسكته بيدي (٢) وقلت : لابدّ ان تقول لي ما لقيت؟ وكيف الحال بعد الموت؟ فقال لي؟ الكُلّي لحق بالكُلّي ، وبقي الجُزئي في الجُزء. ففهمت عنه في حاله كأنه اشار الى النفس الكليّة عادت الى العالم الكلّ ، والجسد الجزئي بقي بالجزء ، وهو المركز الأرضي ، فتعجّبت من الاِستيقاظ من اشارته (٣).
__________________
(١) تقدمت ترجمته ص ٤٠.
(٢) يعلم من حكايات مشاهدي الأموات في عالم الرؤيا انهم يمتنعون من اِخبار الأحياء عمّا شاهدوه بعد الموت ، وانّ في امساك الاِبهام ازعاجاً لهم فيضطرّون حينئذ الى جواب الأحياءحيث لم يجدوا بدّاً من ذلك.
(٣) دار السلام فيما يتعلّق بالرؤيا والمنام.