ثم استندتالى عمود من عمد المسجد فأغفلتني السَدَنة (١) فلم ينبّهوني ، وغلّقت الأبواب فلم أنتبه الّا بخفق أجنحة الملآئكة قد ملأت المسجد ، فقال الذييليني منهم : آدمي؟ قلت نعم ، ثم اخبرته بعذري ، فقال : لا بأس عليك ، فسمعت قائِلاً يقول من الشِّق الأيمن : سبحان الدائم القائم سبحان القائم الدائم (سبحان الواحد الأحد ، سبحان الفرد الصمد ، سبحان الحي القيوم ، سبحان الله وبحمده ، سبحان الحيِّ الذي لا يموت) (٢) سبحان الله وبحمده ، سبحان الملك القدوس، سبحان رب الملائكة والروح ، سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى.
ثم قال قائِل من الشِقّ الآخر مثل ذلك ، فقلت للّذي يليني منهم بالذي طوّقكم بما ارى من العبادة من القائِل من الشِقّ الأيمن؟ قال : جبرئيل قلت : فمن القايل من الشِقّ الأيسر؟ قال : جبرِئيل ، قلت : بالذي قوّاكم لِما أرى مِن العبادة ما لِمَن قال مثل مقالتكم؟ قال : مَن قال مثل مقالتنا في السنة كلّ يوم مرّة لم يمت حتّى يرى مقعده من الجنّة.
قال ابو الزاهريّة : فلما اصبحت قلت : لعليّ لا ابقى سنة فجلست فقلتها ثلاثماة وستّين مرّة فرأيت مقعدي من الجنّة.
قال الجويني : فلقيت الربيع بن صبيح فأخبرته ، فلما كان من العالم المقبل لقيته بمكّة فقال لي : جزاك الله يا ابا الصلت أما انّي قد قلت الذي امرتني به فرأيت مقعدي من الجنّة.
وقال ابو الصلت : اما انّي قد قلت وانا فقد رايت خيراً كثيراً. وقال السيد قدس سره : مجرّب لمن يريد ان يرى في منامه مكانه من الجنّة ان كان من اهلها (٣).
__________________
(١) : يعني الخدم ، خدم المسجد.
(٢) ما بين القوسين من كتاب المصباح للكفعمي رحمه الله.
(٣) المجتنى.