سَكَناً ، (١) امعك شيء تكتب؟ قلت : نعم ، فقال : اكتب :
ذهب الوفاء ذهاب امس الذاهب |
|
والناس بين مُخاتِل وموارب (٢) |
يفشون بينهم المودّة والصفا |
|
وقلوبهم محشوّة بعقارب |
فقلت : زدني يا ابن رسول الله ، فقال : نعم اكتب :
لا تجز عنّ لوحدة وتفرّد |
|
ومن التفرّد في زمانك فازدد |
ذهب الأِخاء فليس ثمّةَ اخوةٌ |
|
اِلّا التملّق باللسان وباليد |
فاذا نظرت جميع ما بقلوبهم |
|
ابصرت ثًمًّ نقيع سَمّ الأسود (٣) (٤) |
وعنه عليه السلام : ان الله تبارك وتعالى اوى الى نبيّ من انبياء بني اسرائيل ، ان احببت ان تلقاني غداً في حظيرة القدس فكن في الدنيا وحيداً غريباً مهموماً محزوناً مستوحشاً من الس بمنزلة الطير الواحد ، الذي يطيرفي أرض القِفار (٥) ، ويأكل من رؤس الشجار ويشرب من ماء العيون ، فاذا كان الليل لآوى وحده ، ولم يأو مع اليور استأنس بربّه ، واسوحش من الطيور (٦).
وجاء في وصيّة الاِمام موسى بن جعفر عليه السلام لهشام بن الحكم : يا هشام ايّاك ومخالَطة الناس والأنس بهم ، الّا ان تجد منهم عقلاً ومأموناً فأنس به ، واهرب من سايرهم كهربك من السباع الضارية ... (٧)
يا هشام الصبر عى الوحدة علامة قوّة العقل ، فمن عقل عن الله تبارك وتعالى اعتزل اهل الدنيا ، والراغبين فيها ، ورغب فيما عند ربّه كان اُنسه في
__________________
(١) فرأيت الِنفراد أسكن للفؤاد ، خ ل.
(٢) المخاتِل : المخادع ، والموارِب : المخاتل والمداهي وهو الماكار الحتال.
(٣) الأسود : الحية العظيمة.
(٤) اشعّة من بلاغة الاِمام الصادق عليه السلام.
(٥) الأرض القَفر : الخالية من الناس ، لا ماء فيها ولا نبات.
(٦) امالي الصدوق ، مشكاة الأنوار.
(٧) مؤنث ضار ، والضاري من السباع والكلاب ما تعوّد اكل الصيد.