الله بفضله وكرمه (١) : لم يحصل لي من الاِختلاط بأهل الدنيا الّا القيل والقال : والنزاع والجدال ، وآل الأمر الى ان تصدّى لمعارضتي كلّ جاهل ، وجسر على مباراتي كلّ خامل ... (٢)
وقال : العزلة عن الخلق هي الطريق الأقوم الأسدّ ، كما ورد في الحديث (فرّ من الخلق فِرارك من الأسد) فطوبى لمن لا يعرفونه بشيء من الفضائل ، والمزايا ، لأنه سالم عن الآلام والرزايا ، فالفرار الفرار عنهم ، والبدار البدار الى الخلاص منهم ، وبهذا يظهر انّ الاِشتهار بالفضائِل من جملة الآفات ، وانّ خمول الاِسم من المحافات ، (٣) فاحبس نفسك في زاوية العزلة فاِنّ عزلة المؤمن عِزّ له ... (٤)
وقيل للفُضَيل انّ ابنك يقول : وددت انّي في مكان ارى الناس ولا يروني ، فبكى الفضيل وقال : يا ويح ابني افلا أتمّها ، لا اراهم ولا يروني.
قال الأستاذ الخطيب الفاضل السيد جواد شبّر النجفي كان الله معه اينما كان : ومن المجرّبات انّ اعظم مؤثر على الأخلاق والطبائِع العشرة ، فالهواء ان جاور الزهر طابت ريحه ، وان جاور الجِيف خبث (٥) وقد صدق القائِل :
صاحب اخا ثقة تحض بصحبته |
|
فالطبع مكتسب من كل مصحوب |
كالريح آخذةٌ ممّا تَمرّ به |
|
نتناً من النتن او طِيبا من الطِيب |
وقال مالك بن دينار لراهب : عظني ، فقال : ان قدرت ان تجعل بينك وبين
__________________
(١) تقدمت ترجمته ص ٣١.
(٢) المباراة المسابقة ، والخامل من الناس الساقط الذي لا قيمة له.
(٣) الظاهر وقوع تصحيف في العبارة والصواب : وان في خمول الاسم امن ، او سلامة من المحافات فيكون المعنى ان من خمل اسمه من ، او سلم من المحافات ، وهي النزاع والخصومة في الكلام ، وذلك حيث انه لا يعرف فلا يعبأ به الناس فلا ينازعونه لعدم اكتراثهم به ، وهذا من فوائِد العزلة عن الناس. الرضوي.
(٤) الكشكول.
(٥) ولدي.