ثمّ أقيم الجائي اليوسفيّ أتابكا وهو زوج أمّ الأشرف ، فاتفق موت أمّ الأشرف ، فقال شهاب الدين السعديّ متفائلا بالجائي :
في مستهلّ العشر من ذي حجّة |
|
كانت صبيحة موت أمّ الأشرف |
فالله يرحمها ويعظم أجره |
|
ويكون في عاشور موت اليوسفي |
فاتّفق أن وقع الأمر كذلك ، ركب الجائي على الأشرف في سابع المحرّم ، فكسر ، وطلب يوم الثامن ، فساق حتّى أرمى نفسه في البحر ، فغرق ، ثم أخرجه الغوّاصون ودفن في تاسع المحرّم.
ثمّ إن الأشراف تأهّب للحجّ ، وسافر في شوّال سنة ثمان وسبعين ، وصحبه الخليفة والقضاة والأمراء ، فلمّا وصل إلى العقبة ، ركب عليه من معه من الأمراء والجند ، فانكسر السلطان ، ورجع هاربا إلى مصر ، فاختفى بها.
قال الحافظ ابن حجر : أخبر الشيخ بدر الدين السلسوليّ أحد علماء المالكيّة وصلحائهم ، أنّه رأى النبيّ صلىاللهعليهوسلم لمّا تجهز الأشرف للحجّ ، وعمر يقول له : شعبان بن حسين يريد أن يجيء إلينا ، فقال : لا ما يأتينا أبدا! فلم يلبث الأشرف أن رجع من العقبة.
قال ابن حجر : وعرض طشتمر على الخليفة أن يتسلطن ، فامتنع وقال : بل اختاروا من شئتم ، وأنا أولّيه ، ورجع هو والقضاة إلى مصر. ثمّ إنهم ظفروا بالأشرف ، فخنقوه (١) وأقيم بعده ولده علاء الدين عليّ وهو صبيّ (٢) ، ولقّب الملك المنصور ، فأقام إلى أن مات في صفر سنة ثلاث وثمانين ، وعمره يوم مات اثنتا عشرة سنة. وكان التدبير في أيّامه لأينبك البدريّ ، ثمّ لقرطاي ، ثمّ لبرقوق.
وأقيم بعده أخوه صلاح الدين حاجي (٣) بن الأشرف شعبان ، ولقّب الملك الصالح ، وسنّه حينئذ تسع سنين ، ثمّ خلع في رمضان سنة أربع وثمانين ، وأقيم في السلطنة سيف الدين أبو سعيد برقوق بن أنص ؛ ولقّب الملك الظاهر ؛ وهو أوّل السلاطين من الجراكسة ، وليس فيهم من تسلطن وأبوه مسلم غيره ؛ فإنّ أباه قدم إلى الديار المصريّة ، فأسلم ومات قبل سلطنة ولده بشهر. وكان الذي أشار بتلقيب برقوق بالظاهر شيخ الإسلام سراج الدين البلقينيّ ؛ فإنّ ولايته كانت وقت الظهر ، وخطب
__________________
(١) يوم الثلاثاء سادس ذي القعدة سنة ٧٧٨ ه. [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٠].
(٢) وعمره سبع سنين. [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٠].
(٣) وهو آخر المماليك البحرية الأتراك. [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٠].