الخليفة قبل أن يفوّض إليه خطبة بليغة ، ثم قلّده بحضرة البلقينيّ والقضاة ، واستمرّ في السلطنة إلى ثالث جمادى (١) الآخرة سنة إحدى وتسعين ، فخلع وسجن بالكرك ، وأعيد حاجي إلى السلطنة. ولقّب الملك المنصور ، فأقام إلى صفر سنة اثنتين وتسعين وخلع. وعاد برقوق إلى السّلطنة ، فاستمرّ إلى أن مات في شوال سنة إحدى وثمانمائة ، وأقيم بعده ولده زين الدين أبو السعادات فرج ، ولقّب الملك الناصر ، وقال بعض الشعراء في ولايته :
مضى الظّاهر السّلطان أكرم مالك |
|
إلى ربّه يرقى إلى الخلد في الدّرج |
وقالوا : ستأتي شدّة بعد موته |
|
فأكذبهم ربّي وما جا سوى فرج |
فأقام إلى سادس ربيع الأول سنة ثمان وثمانمائة ، فخلع وأقيم أخوه عبد العزيز ، ولقّب الملك المنصور ، ثمّ خلع في رابع جمادى الآخرة من السنة ، وأعيد النّاصر فرج ، فأقام إلى أن خرج عليه شيخ المحموديّ ، وقاتله وحصره ، وظفر به وحكم ابن العديم (٢) بسفك دمه وقتل بسيف الشرع ؛ وذلك في المحرّم سنة خمس عشرة وثمانمائة ، وأقيم الخليفة المستعين بالله أبو النّصر العباسيّ (٣) سلطانا مستقلا بالأمر ، وحلف له الأمراء على الوفاء ، ولم يغيّر لقبه ، فأقام يتصرّف بالولاية والعزل وغيرهما ، ثم سأله شيخ (٤) أن يفوّض إليه السلطنة على العادة ، فأجابه إلى ذلك في شعبان من السنة ، وبقيت الخلافة باسمه ، واستقرّ شيخ في السلطنة ، ولقّب الملك المؤيّد وكان من خيار الملوك.
ترجمه الحافظ ابن حجر في معجمه وأثنى عليه ، وقال : أين مثله؟ بل أين أين مثله! وكان معه إجازة بصحيح البخاري من شيخ الإسلام سراج الدين البلقينيّ ، فكانت لا تفارقه سفرا ولا حضرا ، وأقام إلى أن توفّي في ثامن محرّم سنة أربع وعشرين ، وأقيم بعده ولده أحمد ، ولقّب الملك المظفّر ، وعمره يومئذ سنتان. وجعل ططر مدبّر المملكة ، ولقّب نظام الملك ، فلمّا كان سلخ شعبان من السنة خلع من الملك لصغره ، وأقيم ططر ، ولقّب الملك الظاهر ، فأقام إلى أن مات في سادس (٥) ذي الحجة من السنة.
__________________
(١) خامس جمادى الآخرة. [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤١].
(٢) هو ناصر الدين محمد بن عمر بن ابراهيم بن محمد بن عمر بن عبد العزيز بن محمد العقيلي الحلبي ابن العديم نزيل القاهرة ، توفي سنة ٨١٩ ه. [شذرات الذهب : ٧ / ١٤١].
(٣) أبو الفضل. [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٢ ، ٢٤٣].
(٤) أبو النصر شيخ المحمودي أحد مماليك الظاهر برقوق. [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٣ ، شذرات الذهب : ٧ / ١٦٤].
(٥) مات يوم الأحد رابع عشري ذي الحجة. [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٣].