كلّا من المتحدّثين الثلاثة لا يقدر على الاستقلال بأمر إلا بمراجعة السلطان.
ومن وظيفة كتابة السرّ قراءة الكتب الواردة على السّلطان وكتابة أجوبتها والجلوس لقراءة القصص بدار العدل ، والتوقيع عليها وتصريف المراسيم ورودا أو صدورا.
وأمّا نظر الجيش فلصاحبه النّظر في الإقطاعات ومعه من المستوفين ما يحرّر كليّات المملكة وجزئياتها.
وأمّا نظر الخزانة فكانت وظيفة كبيرة الوضع لأنّها مستودع أموال المملكة (١) ، فلما استحدثت وظيفة الخاص ضعف أمرها ، وغالب ما يكون ناظرها من القضاة أو نحوهم.
وأما نظر البيوت فمنوط بالأستاذداريّة ، فكل ما يتحدّث فيه الأستاذداريّة يشارك فيه (٢).
وأما نظر بيت المال فوظيفة جليلة موضوعها حمل حمول المملكة إلى بيت المال والتصرّف فيه تارة بالميزان وتارة بالتسبيب بالأقلام ، ولا يلي هذه الوظيفة إلا من هو من ذوي العدالة المبرّزة.
وأمّا نظر الإصطبلات (٣) ، فلصاحبه الحديث في أنواع الإصطبل والمناخات وعلفها وأرزاق خدمها وما يبتاع لها.
وأما وظائف أهل العلم فمعروفة مشهورة لا تخلو مملكة من ممالك الإسلام منها.
هذا كلّه كلام ابن فضل الله.
ذكر في التاريخ أنّ الخليفة المقتفي بالله نقل المظفّر بن جهير من الأستاذ داريّة إلى الوزيريّة في سنة خمس وثلاثين وخمسمائة ، قال بعضهم : وذلك أوّل ما سمع بوظيفة الأستاذداريّة في الدول.
وقال بعض المؤرّخين : لما تولّى الظاهر بيبرس (٤) أحبّ أن يسلك في ملكه بالديار المصريّة طريقة جنكزخان ملك التّتار وأموره ؛ ففعل ما أمكنه ، ورتّب في سلطنته أشياء كثيرة لم تكن قبله بديار مصر ، مثل ضرب البوقات وتجديد الوظائف ، فأحدث أمير سلاح وأمير مجلس ورأس نوبة الأمراء وأمير أخور ، وحاجب الحجاب والدّوادار
__________________
(١) الخطط المقريزية : ٢ / ٢٢٤.
(٢) الخطط المقريزية : ٢ / ٢٢٤.
(٣) ذكرت سابقا.
(٤) سنة ٦٥٨ ه. [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٨].