أحوالها وتوجّه إلى الإسكندرية وعاد إلى مصر ، وخرج عنها في الخامس من صفر.
وجعل القضاء بمصر إلى هارون (١) بن عبد الله الزهري المالكيّ ، قلّده ذلك وهو بالشّام ، فقدم في رمضان سنة تسع عشرة ومائتين ، وكان محمودا عفيفا محبّبا في أهل البلد ، فأقام إلى ربيع الأول سنة ستّ وعشرين ، فكتب إليه أن يمسك عن الحكم ، وقد كان ثقل مكانه على ابن ابي دؤاد.
وقدم أبو الوزير واليا على خرج مصر ، وقدم معه بكتاب ولاية محمد بن أبي الليث الأصمّ على القضاء ، فلم يزل قاضيا إلى شعبان سنة خمس وثلاثين ومائتين ، فعزل وحبس.
وبقيت مصر بلا قاض حتى ولي الحارث (٢) بن مسكين في جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين ، ثم صرف في ربيع الآخر سنة خمس وأربعين.
وولي دحيم (٣) بن اليتيم عبد الرحمن بن إبراهيم بن اليتيم الدّمشقي جاءته ولايته بالرّملة ، فتوفّي قبل أن يصل إلى مصر في العام المذكور.
وولي بعده بكّار بن قتيبة أبو بكرة الثقفيّ من أهل البصرة من ولد أبي بكرة صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ودخل البلد في جمادى الآخرة فأقام قاضيا ، وأحمد بن طولون يصله في كلّ سنة بألف دينار. ثمّ إنّ ابن طولون بلغه أنّ الموفّق خرج عن طاعة أخيه المعتمد ، وكان المعتمد وليّ عهد أخيه ، فأراد ابن طولون خلع الموفّق من ولاية العهد ، فوافقه فقهاء مصر ، وخالف القاضي بكّار فحبسه أحمد بن طولون ، وذلك في سنة سبع وخمسين ومائتين ، ورتّب في الحكم عوضا عنه وهو كالخليفة عنه محمد بن شاذان الجوهري ، ومات بكّار في ذي الحجّة سنة خمس وسبعين ومائتين.
وأقامت مصر بعد بكار بلا قاض ، حتى ولّى خماروية بن أحمد بن طولون أبا عبد الله محمد بن عبدة بن حرب القضاء سنة سبع وسبعين ومائتين ، فأقام إلى سنة ثلاث وثمانين ، فألزم منزله في جمادى الآخرة.
وبقيت مصر بلا قاض حتى ولي أبو زرعة (٤) محمد بن عثمان الدمشقيّ ، فأقام ثماني سنين ، وعزل في صفر سنة اثنتين وتسعين.
وأعيد ابن عبدة ، ثمّ صرف في رجب من السنة.
__________________
(١) شذرات الذهب : ٢ / ٧٥.
(٢) شذرات الذهب : ٢ / ١٢١.
(٣) شذرات الذهب : ٢ / ١٠٨.
(٤) شذرات الذهب : ٢ / ٢٣٩.