كحرّ الحجاز ، تنبت النخل والأراك والقرظ (١) والدّوم والعشر (٢) ، وأسفل أراضي مصر شاميّة تمطر مطر الشام ، وتنبت نبات الشام من الكرم والتّين الموز وسائر الفاكهة ، والبقول والرّياحين. ويقع به الثلج ، ومنها لوبية ومراقية (٣) برابي وجبال وغياض ، وزيتون وكروم برّيّة بحريّة جبليّة ، بلاد إبل وماشية ، ونتاج عسل ولبن. وكلّ كورة (٤) من مصر مدينة ، قال تعالى : (وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) [الشعراء : ٣٦] ، وفي كل مدينة منها آثار عجيبة من الأبنية والصخور والرخام والبرابي ، وتلك المدن كلها تأتي منها السفن ، تحمل المتاع والآلة إلى الفسطاط ، تحمل السفينة الواحدة ما يحمله خمسمائة بعير.
قال الكنديّ : وليس في الدنيا بلد يأكل أهله صيد البحر طريّا غير أهل مصر.
قال : وذكر بعض أهل العلم أنّه ليس في الدنيا شجرة إلّا وهي بمصر ، عرفها من عرفها ، وجهلها من جهلها.
ويوجد بمصر في كلّ وقت من الزمان من المأكول والمأدوم والمشموم وسائر البقول والخضر ؛ جميع ذلك في الصيف والشتاء ، لا ينقطع منها شيء لبرد ولا حرّ.
وذكر أنّ بخت نصّر قال لابنه بلسطان : ما أسكنتك مصر إلّا لهذه الخصال. وبلسطان هو الذي بنى قصر الشمع.
وقال بعض من سكن مصر : لو لا ماء طوبة (٥) ، وخروف أمشير (٦) ، ولبن برمهات (٧) ، وورد برمودة (٨) ، ونبق بشنش (٩) ، وتين بؤونة (١٠) ، وعسل أبيب (١١) ، وعنب مسرى (١٢) ، ورطب توت (١٣) ، ورمّان بابة (١٤) ، وموز هاتور (١٥) ، وسمك كيهك (١٦) ، ما أقمت بمصر.
__________________
(١) القرظ : نبات يستخدم ورقه للدباغة.
(٢) العشر : جنس شجيرات من فصيلة الصقلابيات له صمغ.
(٣) في معجم البلدان : مراقية أول بلد بين الاسكندرية وإفريقية.
(٤) في معجم البلدان : الكورة كل صقع يشتمل على عدّة قرى.
(٥) في مروج الذهب : ٢ / ١٧٨ : طوبة : كانون الثاني.
(٦) في مروج الذهب : أمشير : شباط.
(٧) وفيه أيضا : برمهات : آذار.
(٨) برمودة : نيسان.
(٩) بشنس : أيار.
(١٠) بؤونة : حزيران.
(١١) أبيب : تموز.
(١٢) مسرى : آب.
(١٣) توت : أيلول.
(١٤) بابة : تشرين الأول.
(١٥) هاتور : تشرين الثاني.
(١٦) كيهك : كانون الأول.