وفي صعيد مصر خشب الأبنوس الأبلق وسائر العقاقير التي تدخل في الطبّ والعلاج. وكلّ ما زرع في أرض مصر ينبت.
وفيها من نبات الهند والسّند مثل الإهليلج والخيار شنبر والتمر هندي وغيره مما لا يوجد في بلد من البلاد الإسلامية.
وبها الشبّ الواحي ؛ وهو أبلغ من اليماني ، والأفيون والشّاهترج (١) والصّفر والزجاج والجزع (٢) الملوّن والصّوّان ؛ وهو حجر لا يعمل فيه الحديد ؛ وكانت الأوائل تعمده وتقطّعه بأسوان ؛ ومنه العمد الجافية ، التي لا تكون بسائر الدنيا ، وكلّ حمّامات مصر بالرخام لكثرته عندهم ، وكذلك صحون دورهم.
وبها الحجارة المسمّاة بالكذّان (٣) ؛ يبلّط بها الدّور ويعقد بها الدّرج.
وبها من الحصر العبدانيّ ، ومن سائر أصناف الحصر ما لا يوجد في غيرها ، ويجلب من مصر البرّ الأبيض من الدّبيقيّ وغيره الذي يعمل بدمياط وتنّيس. وبالإسكندرية يعمل الوشي الّذي يقوم مقام وشي الكوفة.
وبالصعيد يعمل من الجلود الأنطاع ، وبالبهنسا السّتور التي هي أحسن ستور الأرض والبسط وأجلّة الدوابّ والبرقع وستور النّسوان في المضارب والأكسية والطيالسة.
وكان يعمل بإخميم الفرش التي تسمّى نطوع الخزّ.
وبمصر من أصناف الرّقيق ما ليس ببلد من البلدان ، وأصناف الطير الحسن الصوت في صعيدها مثل القمريّ والنّوبيّ والنّوّاح والدّبسيّ الأحمر والأبلق ، والكروان الّذي ليس مثله في بلد.
ومنها يحمل الطير إلى البلدان في الشرق والغرب ، والأشماع المتّخذة من الشهد وعسل الأسطروس والنّيدة المعمولة من القمح والقند (٤) والأباليج والطّبرزد ، وماء طوبة الّذي لا يعدله شيء ، ولا يتغيّر على ممرّ الأيام ، والسّمك الذي هو ملك الأسماك ، والبوري الطريّ والمملوح ، والبلاطيّ الذي كأنّه دروع من الفضّة ، وطير الماء ، وطير الحوصل يعمل من جلده الخفاف النّاعمة والفراء الأبيض الذي يقوم مقام الفنك (٥) في
__________________
(١) الشاهترج : نبات سنوي يتألف من أعشاب صغيرة ، أوراقه مسنّنة ، وأزهاره عنقودية الشكل ، يكثر في الحدائق وعلى الطرقات ، يستعمل ورقه لمعالجة الجرب والحكّة.
(٢) الجزع : خرز فيه سواد وبياض.
(المنجد).
(٣) الكذّان أو الكدّان : حجر رخو النخرة.
(٤) القند : عسل قصب السكر إذا جمد.
(٥) الفنك : حيوان صغير من فصيلة الكلبيّات شبيه بالثعلب لكن أذنيه كبيرتان.