قال صاحب مباهج الفكر : كان الخليفة المتوكّل قد حمى الورد ، ومنعه من الناس كما حمى النعمان بن المنذر الشّقيق واستبدّ به ، وقال : لا يصلح للعامّة ، فكان لا يرى إلا في مجلسه. وكان يقول : أنا ملك السلاطين ، والورد ملك الرياحين ، وكلّ منّا أولى بصاحبه. وإلى هذا أشار ابن سكّرة بقوله :
للورد عندي محلّ |
|
لأنّه لا يملّ |
كلّ الرياحين جند |
|
وهو الأمير الأجل |
إن جاء عزّوا وتاهوا |
|
حتّى إذا غاب ذلّوا |
قال ابن البيطار (١) في مفرداته : الورد أصناف : أحمر ، وأبيض ، وأصفر ، وأسود. زاد غيره : وأزرق.
وحكى صاحب كتاب نشوار المحاضرة ، أنّه رأى وردا أسود حالك السواد ، له رائحة ذكيّة ، وأنه رأى بالبصرة وردة نصفها أحمر قانىء الحمرة ، ونصفها الآخر أبيض ناصع البياض ، والورقة التي وقع الخطّ فيها كأنّها مقسومة بقلم.
قال صاحب مباهج الفكر : رأينا بثغر الإسكندرية الورد الأصفر كثيرا ، وعددت ورق وردة ، فكانت ألف ورقة.
قال : وحكى لي بعض الأصحاب أنّه رأى بحلب ورقة لها وجهان : أحدهما أحمر والآخر أصفر.
قال : وحكى بعض الأصحاب أنّه رأى آبارا تجري إلى شجر الورد ماء مخلوطا بالنيل ، فسأله فقال : إنّ الورد يكون أزرق بهذا العمل.
قال صاحب المباهج : والظاهر من الورد الأسود ، أنّه احتيل عليه كذلك. وقال الحافظ الذهبيّ في الميزان : روى قريش عن أنس عن كليب بن وائل ـ وكليب نكرة لا يعرف ـ أنّه رأى بالهند ورقا في الوردة مكتوب فيه «محمد رسول الله».
وروى ابن العديم في تاريخه بسنده إلى عليّ بن عبد الله الهاشمي الرّقيّ ، قال : دخلت الهند ، فرأيت في بعض قراها وردة كبيرة طيّبة الرائحة ، سوداء ، عليها مكتوب بخطّ أبيض «لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ، عمر الفاروق». فشككت في
__________________
(١) في شذرات الذهب : ٥ / ٢٣٤ : هو الطبيب البارع ضياء الدين عبد الله بن أحمد المالقي العشّاب صاحب كتاب المفردات في الأدوية ـ كان رئيسا في الديار المصرية ، توفي بدمشق سنة ٦٤٦ ه.