وأخرج أبو نعيم في الحلية من حديث الحسين بن عليّ مرفوعا : «فضل دهن البنفسج على سائر الأدهان ، كفضل ولد عبد المطلب على سائر قريش ، وفضل البنفسج كفضل الإسلام على سائر الأديان». قال أبو نعيم : هذا حديث غريب من حديث جعفر بن محمد ، لم نكتبه إلا بهذا الإسناد عن هذا الشيخ ، أفادنا إيّاه الدارقطني ، وأخرجه ابن الجوزيّ في الموضوعات أيضا.
قال ابن وحشيّة : البنفسج نوعان : جبليّ وبستانيّ ، والجبليّ دقيق الورق ، أزرق اللون ، والبستانيّ عريض الورق حائك اللون ، ويوجد فيه الأبيض على لون الشمع ، ولا يوجد إلّا بمصر ، ويسمّى الكوفيّ. ومن عجيب أمره أنّ الإنسان إذا تغوّط في مجاري الماء إليه مات وذبل ، وكذا إن خرج منه ريح في مزرعته ، وأنّه إذا دام عليه الضباب يوما أو نحوه ضعف ، ومتى توالى نقصت زهرته ، وصغر ورقه ، وتغيّرت رائحته ؛ ومن الأشياء المضادّة له القصب ، فإنّه لا يكاد يفلح بقربه ولا ينمى ، وإن وقعت صاعقة على أربعمائة ذراع منه فأقل هلك سريعا. ويفسده أيضا البرد والرّعد الشديد المتتابع والسموم وريح الشمال الباردة والمطر الكثير وماء الآبار والدخان وتراب المقبرة.
ومن رسالة لأبي العلاء عطارد بن يعقوب الخوارزميّ يصف بنفسجة : سماويّة اللباس ، مسكيّة الأنفاس ، واضعة رأسها على ركبتها كعاشق مهجور ، تنطوي على قلب مسجور ، كبقايا النقش في بنان الكاعب ، أو النّقس (١) في أصابع الكاتب ، أو الكحل في الألحاظ الملاح ، المراض الصحاح ، الفاترات الفاتنات ، المحييات القاتلات ، لازوردية (٢) أربت بزرقتها على زرق اليواقيت ، كأوائل النار في أطراف كبريت ، أو أثر القرص في خدود العذارى.
أو عذار خلعت فيه العذارا
أبو القاسم بن هذيل الأندلسيّ :
بنفسج جمعت أوراقه فحكت |
|
كحلا تشرّب دمعا يوم تشتيت |
أو لازورديّة أوفت بزرقتها |
|
وسط الرياض على زرق اليواقيت |
كأنّه وضعاف القضب تحمله |
|
أوائل النار في أطراف كبريت |
__________________
(١) النقس : المداد الذي يكتب به.
(٢) اللازوردي : ما كان بلون اللازورد الذي هو معدن مشهور في جبال أرمينية وفارس ، وأجوده الشفاف الأزرق الضارب إلى حمرة وخضرة.