زكريا يحيى بن يوسف الصّرصريّ (١) لنفسه ببغداد ، وقد ورد كتاب من ديار مصر إلى الديوان بانتصار المسلمين على الرّوم وفتح ثغر دمياط :
أتانا كتاب فيه نسخة نصرة |
|
ألخّص معناها لذي فطن جلد |
يقول ابن أيّوب المعظّم حامدا |
|
لربّ السماء الواحد الصمد الفرد |
أمرنا بحمد الله جلّ ثناؤه |
|
وعز أرى دفريس في طالع السّعد |
تركنا من الأعلاج بالسيف مطعنا |
|
ثلاثين ألفا للقشاعم والأسد (٢) |
ومنهم ألوف أربعون بأسرنا |
|
فكم ملك في قبضنا صار كالعبد |
ودمياط عادت مثل ما بدأت لنا |
|
ويافا ملكناها ، فيا لك من جدّ! |
ونحن على أن نملك السّيف كلّه |
|
على ثقة ممّن له خالص الحمد |
ألا يا بن أيّوب لقد نلت غاية |
|
من النّصر ضاهت ما بلغت من المجد |
قهرت فرنج الرّوم قهرا سماعه |
|
يقسم ذلّ الرعب في التّرك والسّغد (٣) |
وما نلت أسباب العلا عن كلالة |
|
ولم يأتك المجد المؤثّل من بعد |
ولكن ورثت الملك والفضل عن أب |
|
جليل وعن عمّ نبيل وعن جدّ |
لجأت إلى ركن شديد ومعقل |
|
منيع وكنز جامع جوهر المجد |
إلى فاتح باب الرشاد ببعثه |
|
وخاتم ميثاق النبوّة والعهد |
إلى الشافعي المنجي الوجيه محمد |
|
فأحسنت في صدق التوجّه والقصد |
فمهما تجد من كيد ضدّ مضاغن |
|
بوجه به تظفر وتنصر على الضدّ |
فلا صدّ عن عزّ سوابق مجدكم |
|
كلال ولا غالى الكلول سبا الحدّ |
إلى أن تذيق الرّوم في عقر دارهم |
|
زعافا وتسقي المؤمنين جنى الشّهد |
ولما تولّى المستنصر (٤) الخلافة أرسل إلى الكامل محي الدين يوسف (٥) بن الشيخ
__________________
(١) سبقت ترجمته ، توفي سنة ٦٥٦ ه. ونسبته إلى صرصر قرية على فرسخين من بغداد. [شذرات الذهب : ٥ / ٢٨٥].
(٢) القشعم : النسر العظيم أو المسن منه ومن الرخم.
(٣) في معجم البلدان : الصغد : كورة عجيبة قصبتها سمرقند.
(٤) تولّى المستنصر بالله أبو جعفر المنصور الخلافة بعد والده الظاهر بأمر الله سنة ٦٢٣ ه. [الكامل لابن الأثير : ٩ / ٣٦٩].
(٥) سبقت ترجمته ، وكان سفير الخلافة وأستاذ دار المستعصم بالله ، ولد سنة ٥٨٠ ه ، قتل شهيدا عند دخول هولاكو بغداد مع أولاده الثلاثة سنة ٦٥٦ ه. [شذرات الذهب : ٥ / ٢٨٦].