من البلدان ، فانزل منزلا بريّا ، بحريّا ، ليس بينى وبينكم بحر ولا جسر) (١).
فأوعز سعد الى بعض من أصحابه للبحث عن مكان آخر يكون مقرّا لجيشه على أن تراعى فيه المواصفات الّتي ذكرها عمر ، فتمّ اختيار الكوفة (٢) ، عندها أمر سعد جيشه أن يعسكروا فيها ، وينصبوا الخيام والمضارب ، وكان أبو الهيجاء الأسدي قد سبقهم الى الكوفة فخطّطها وخطّط المسجد الأعظم (٣). وبنى قصرا لسعد بجانبه ، وجعل فيه (بيت المال) وكان هذا القصر منزلا خاصا للخلفاء والملوك والأمراء الّذين جاءوا بعد سعد بن أبي وقّاص ، حيث تعقد فيه مؤامراتهم ، كما أنّهم اتخذوه حصنا لهم اذا ما ألجأتهم الظروف ، أو اعترتهم الكوارث ، كان ذلك سنة (١٧) للهجرة.
وبقي ذلك القصر الى زمن عبد الملك بن مروان ، حيث أمر بهدمه تشاؤما منه ، (٤) وذلك عند دخوله الى الكوفة سنة (٧١) للهجرة ، بعد مقتل مصعب ابن الزبير.
كوفة القبائل :
وبعد أن تمّ تخطيط الجامع (حيث اعتبر مركز للمدينة الجديدة) التفّ
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٤ / ٤١ وتاريخ ابن خياط. ج ١ / ١٢٩.
(٢) وقيل إنّ الّذي أرشدهم إلى هذا المكان هو ابن نفيلة الغساني (أو العساني) ـ ابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ٤٩٠ والبلاذري ـ فتوح البلدان ، ص ٢٧٠.
(٣) البلاذري ـ فتوح البلدان ص ٢٧١ وتاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ١٢٩.
(٤) عن أبي مسلم النخعي أنّه قال : رأيت رأس الحسين عليهالسلام جيء به فوضع في دار الإمارة بالكوفة بين يدي عبيد الله بن زياد ، ثمّ رأيت رأس عبيد الله بن زياد قد جيء به فوضع في ذلك الموضع بين يدي المختار ، ثمّ رأيت رأس المختار قد جيء به ووضع بين يدي مصعب بن الزبير ، ثمّ رأيت رأس مصعب بن الزبير قد جيء به فوضع في ذلك الموضع بين يدي عبد الملك بن مروان. وعند ما سمع عبد الملك بذلك أمر بهدم الطاق. المسعودي ـ المروج. ج ٣ / ١٠٩.