الأزدي ، فدار الحديث بينهما عن يوم (عين الوردة) (١) فقال عبد الملك : من أعجب ما رأيت في ذلك اليوم (بعد هلاك القوم) أنّ رجلا (٢) جاء وهجم عليّ بسيفه ، فخرجنا إليه وقد عقر وهو يقول : (٣)
إنّي من الله إلى الله أفرّ |
|
رضوانك اللهم أبدي وأسرّ |
فقلت له : ممن أنت؟ قال : من بني آدم. فقلنا له : ممن؟ قال : (لا أحبّ أن أعرفكم ، ولا أن تعرفوني ، يا مخربي البيت الحرام). (٤)
ثم هجم عليه الناس فقتلوه ، فو الله ما رأيت رجلا قط أشجع منه. ثمّ دمعت عينا حميد بن مسلم ، فسأله عبد الملك : هل بينك وبينه قرابة؟ فأجابه حميد : لا ، هو رجل من مضر ، كان لي صديقا. فقال عبد الملك بن حدرجان : لا أرقأ الله دمعك ، أتبكي على رجل من مضر ، قتل على ضلالة؟
فقال حميد : لا والله ، ما قتل على ضلالة ، ولكنه قتل على بيّنة من ربّه وهدى ، فقال له عبد الملك : أدخلك الله مدخله. فأجابه حميد : آمين ، وأدخلك الله مدخل حصين بن نمير (٥) ، ثمّ لا أرقأ الله لك عليه دمعا ، ثمّ افترقا.
٦٦ ـ إسماعيل بن أوسط البجليّ :
استخلفه خالد بن عبد الله القسريّ على إمارة الكوفة ، وذلك بعد
__________________
(١) عين الوردة : وهي المعركة الّتي حدثت بين التوابين وبين عبيد الله بن زياد سنة ٦٤ للهجرة ، وقد قتل فيها سليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجبه الفزاري وجماعة آخرين.
(٢) الرجل : هو عبيدة بن سفيان المزنيّ.
(٣) تاريخ الطبري. ج ٥ / ٦٠٧.
(٤) نفس المصدر السابق.
(٥) حصين بن نمير الكوفي : وهو أحد قادة عبيد الله بن زياد ، قتله المختار بن عبيد الثقفيّ.