للهجرة ، وذلك (١) بعد الأمير برغش (٢).
وكان ابن هبيرة في بادي أمره ، فقيرا ، معدما حتّى تعرض للخدمة.
جاء في صباه من قرية قرب (الدجيل) إلى بغداد فقرأ التاريخ والأدب وعلوم التاريخ ، وتفقّه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، وكان يعقد في داره مجلسا للعلماء والفقهاء للمناظرة ، وحدث ذات يوم أن خاطب أحد الفقهاء ، وقال له : (يا حمار) ، ثمّ ندم بعد ذلك ندما كبيرا ، وطلب من ذلك الفقيه أن يخاطبه مثلما قال له ، فامتنع الفقيه ، ثمّ صالحه بعد ذلك على مائتي دينار (٣).
اتصل بالخليفة (المقتفي بالله) فولّاه بعض الأعمال ، فأبدى كفاءة عالية في شؤون عمله ، فارتفعت مكانته عنده حتّى استوزره سنة (٥٤٤) للهجرة.
وكان ابن هبيرة من خيرة الوزراء ، وأحسنهم معاملة للناس وأبعدهم عن الظلم والجور ، حتّى قال عنه الخليفة (المقتفي بالله) : (ما وزر لبني العبّاس مثله) ، ولقبه بعون الدين ، وكان لقبه سابقا (جلال الدين).
ولمّا مات الخليفة (المقتفي بالله) وجاء بعده ابنه (المستنجد بالله) بايعه الوزير ابن هبيرة ، فأعجب به الخليفة كثيرا ، وأصبح من خاصته ، فعن (مرجان الخادم) أنّه قال : كان الوزير ابن هبيرة ذات يوم عند الخليفة (المستنجد بالله) فقال له المستنجد شعرا من نظمه (٤) :
صفت نعمتان خصتاك وعمتا |
|
فذكرهما حتّى القيامة يذكر |
وجودك والدنيا إليك فقيرة |
|
وجودك والمعروف في الناس ينكر |
فلو رام يا يحيى مكانك جعفر |
|
ويحيى لكفا عنه يحيى وجعفر |
__________________
(١) معن صالح مهديّ الربيعي ـ الكوفة في العصر العباسي. ص ٥٢.
(٢) برغش : وقيل أرغش.
(٣) ابن كثير ـ البداية والنهاية. ج ١٢ / ٢٥٠.
(٤) نفس المصدر السابق وابن الجوزي ـ المنتظم. ج ١٠ / ٢١٤.