عزل عبد الملك بن جزء بن حدرجان الأزدي. (١) وهو من مدينة حمص من أهل الشام.
وإسماعيل هذا من أعوان الحجّاج بن يوسف الثقفيّ ، ومن عتاة أصحابه ، وهو ثقفي أيضا. وبعد أن انتصر الحجّاج في معركة (دير الجماجم) أخذ الحجّاج يقتل كلّ من اشترك مع عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث في حروبه ، لذلك أخذ يطارد ويبحث عن الأشخاص الّذين حاربوه ، وكان من جملة هؤلاء (سعيد بن جبير) (٢) فأوعز الحجّاج إلى إسماعيل بن أوسط وإلى الملتمس بن الأحوص ، وإلى جماعة آخرين من ثقات أصحابه ، وطلب منهم أن يأتوه بسعيد بن جبير أينما وجدوه ، فأخذوا يسألون عنه هنا وهناك ، إلا أنّه لا أحد يرشدهم إليه.
وذات يوم مرّوا بصومعة فيها راهب ، فسألوه عن سعيد بن جبير ، فقال الراهب : أمّا سعيد بن جبير فإنّي لا أعرفه ، ولكنّي شاهدت البارحة شخصا أوصافه كذا وكذا ، توضأ من هذه البئر ، وصلّى ركعتين ، ثمّ سار في هذه البرية ، فأخذوا يتعقبون أثره ، حتّى وجدوه ساجدا ، فسلموا عليه ، فردّ السلام عليهم بعد الفراغ من صلاته ، ثمّ قالوا له : إنّ الحجّاج يطلبك ولا بدّ من الذهاب معنا ، ثمّ رجعوا إلى الدير وقد حلّ الظلام فقال لهم الراهب : ادخلوا الدير وأغلقوا الباب ، فإنّ المكان فيه سباع ، ووحوش ضارية فدخلوا الدير ، وأمتنع سعيد بن جبير عن الدخول إلى الدير ، فسألوه عن
__________________
(١) تاريخ خليفة بن خياط. ج ١ / ٣٥٨. والزركلي ـ الأعلام. ج ٢ / ٣١.
(٢) سعيد بن جبير : كوفي ، وهو أحد الأعلام البارزين في الفقه والتفسير والحديث ، ثار مع عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث على الحجّاج بن يوسف الثقفيّ ، وبعد معركة (دير الجماجم) هرب سعيد بن جبير إلى مكّة فقبض عليه خالد بن عبد الله القسريّ (أمير مكّة آنذاك) وأرسله إلى الحجّاج فقتله وكان عمره (٤٩) سنة وقيل (٥٠) سنة. (ابن سعد ـ الطبقات. ج ٦ / ٢٧٥ ، وياقوت الحموي ـ معجم الأدباء. ج ٣ / ١٦٣ ، وابن العماد ـ الشذرات. ج ١ / ١٠٨).