فرد عليها معاوية بن خديج : (على مهلك يا أم الحكم ، أما والله لقد تزوجت فما أكرمت ، وولدت فما أنجبت ، أردت أن يلي ابنك الفاسق علينا ، فيسير كما سار في إخواننا من أهل الكوفة ، ما كان الله ليريه ذلك ، ولو فعل ذلك لضربناه ، ضربا يطأطأ منه ، وإن كره ذلك (١) الجالس). (٢) فالتفت معاوية إلى أخته ، وقال لها : كفى ، (اسكتي).
وطلبت (أم الحكم) من أخيها معاوية أن يزوج ابنها عبد الرحمن من إحدى بناته فقال لها معاوية : (إنه ليس لهن بكفؤ). فقالت له أخته : لقد زوجني أبو سفيان من أبي عبد الرحمن ، وأبو سفيان خير منك ، وأنا خير من بناتك. فقال لها معاوية : (يا أخية ، إنّما فعل ذلك أبو سفيان ، لأنّه كان آنذاك يشتهي الزبيب (٣) ، وقد كثر عندنا الآن الزبيب ، فلن نزوج إلا كفؤنا) (٤) (كفئنا).
ومدح عبد الله بن الزبير (٥) عبد الرحمن بن أمّ الحكم (أمير الكوفة) فلم يعطه شيئا ، عندها هجاه ابن الزبير وقال : (٦)
تبقّلت لمّا أن أتيت بلادكم |
|
وفي مصرنا أنت الهمام القلمس (٧) |
ألست ببغل (٨) أمّه عربية |
|
أبوك حمار أدبر الظهر ينخس |
وكان بنو أميّة إذا شاهدوا عبد الرحمن يلقبونه ب (البغل) حتّى غلب
__________________
(١) ذلك الجالس : يقصد به معاوية.
(٢) الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ٢ / ١٠٨.
(٣) كان أبو عبد الرحمن يسكن بالطائف ، وفي الطائف تكثر البساتين والعنب ، وكان فيها الزبيب كثيرا.
(٤) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٤ / ٢٤٣.
(٥) عبد الله بن الزبير : هو شاعر ، وليس عبد الله بن الزبير بن العوّام.
(٦) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٤ / ٢٤٩.
(٧) القلمس : البحر ، الرجل الكريم ، السيد العظيم ، الداهية.
(٨) البغل : هو حيوان (وسط) بين الخيل والحمير ، يتكون من تزاوج الفرس مع الحمار ويستخدم في حمل الأشياء الثقيلة ، وفي المناطق الجبلية ، وهو حيوان عقيم.