كانت السيدة زينب بنت الأمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام قد جلست متنكرة بين السبايا فقال عبيد الله بن زياد : من هذه الجالسة؟ فلم تكلّمه ، فقال : ثلاثا ، وهي لا تكلّمه ، فقيل له : إنّها زينب بنت فاطمه (١).
فقال عبيد الله بن زياد : الحمد لله الّذي فضحكم ، وقتلكم ، وأكذب أحدوثتكم. فقالت له زينب (عليهاالسلام) : الحمد لله الّذي أكرمنا بمحمّد ، وطهرنا تطهيرا ، لا كما تقول ، وإنّما يفتضح الفاسق ، ويكذب الفاجر.
فقال لها ابن زياد : فكيف رأيت صنع الله بأهل بيتك؟ قالت عليهالسلام : كتب عليهم القتل ، فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم ، فتختصمون عنده ، فغضب ابن زياد وقال : لقد شفى الله غيظي من طاغيتك ، والعصاة المردة من أهل بيتك. فبكت (سلام الله عليها) وقالت : (لعمري لقد قتلت كهلي ، وأبرزت أهلي وقطعت فرعي ، فإن يشفيك هذا فقد اشتفيت.
فقال لها ابن زياد : هذه (شجاعة) لعمري لقد كان أبوك شجاعا. وقيل إنّه قال : هذه (سجّاعة).
فقالت له (عليهاالسلام) : ما للمرأة والسجاعة (٢)!!
ثم نظر أبن زياد إلى الإمام عليّ بن الحسين (زين العابدين عليهالسلام) فقال له : ما أسمك؟. قال : عليّ بن الحسين. قال ابن زياد : أولم يقتل عليّ بن الحسين؟. فسكت الإمام عليهالسلام ولم يجبه. فقال له ابن زياد : مالك لا تتكلّم؟
فقال الإمام عليهالسلام : كان لي أخ يقال له أيضا (عليّ) قتله الناس. قال ابن زياد : إنّ الله قتله. فسكت الإمام عليهالسلام ولم يجبه أيضا. فقال له ابن زياد : مالك لا تتكلّم!! فقال الإمام عليهالسلام : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها)(٣) ، (وَما كانَ
__________________
(١) ابن الأثير ـ الكامل ج ٤ / ٨٢.
(٢) تاريخ الطبري ج ٥ / ٤٥٧ وابن الأثير ـ الكامل ج ٤ / ٨٢.
(٣) سورة الزمر ـ الآية : ٤٢