بعدهما ولي عهد ، وأنّ الأمر أصبح شورى ، عندها بايعه أهل البصرة.
فكتب عبيد الله بن زياد إلى عمرو بن حريث «خليفته على الكوفة» يطلب منه أن يأمر أهل الكوفة أن يحذوا حذو أهل البصرة ، ولمّا سمع أهل الكوفة بذلك ثاروا وطردوا عمرو بن حريث ، وولّوا عليهم أميرا لحين استتباب الوضع. (١)
وعند ما علم أهل البصرة بثورة أهل الكوفة ، ثاروا هم أيضا ، وعيّنوا أميرا هو (عبد الله بن الحارث) فذهب عبيد الله إلى بيت المال في البصرة ، وأخذ كل ما فيه ، ثمّ ذهب إلى سعد بن الأطول بن عبد الله وطلب منه أن يحميه من أهل البصرة ، فقال له سعد : (عشيرتي ليست بالبصرة ، عشيرتي بالشام). (٢) عندها هرب ابن زياد إلى الشام ، تاركا أمّه بالبصرة ، ونجا بنفسه ، فهجاه ابن مفرغ بقصيدة نقتطف منها : (٣)
أعبيد هلا كنت أوّل فارس |
|
يوم الهياج دعا بحتفك داع |
أسلمت أمك والرماح تنوشها |
|
يا ليتني لك ليلة إلا فزاع |
إذ تستغيث وما لنفسك مانع |
|
عبد تردّده بدار ضياع |
هلا عجوزك إذ تمدّ بثديها |
|
وتصيح ألا تنزعنّ قناعي |
ليس الكريم بمن يخلّف أمه |
|
وقناته في المنزل الجعجاع |
كم يا عبيد الله عندك من دم |
|
يسعى ليدركه بقتلك ساع |
وقال أيضا :
أقرّ بعيني أنّه عقّ أمّه |
|
دعته فولّاها أسته وهو يهرب |
وقال : عليك الصبر كوني سبية |
|
كما كنت أو موتي ، فذلك أقرب |
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٥ / ٥٠٤.
(٢) ابن سعد ـ الطبقات. ج ٧ / ٥٧. وتاريخ ابن خلدون. ج ٣ / ١٣٦.
(٣) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٧ / ٢٨٠.