المحافظين («القديماتيين»). وقد تعاون المسلمون التقدميون مع الأحزاب المعارضة ، ورحبوا فيما بعد بأحداث سنة ١٩١٧. وبالمقابل استثار نشاطهم حذر السلطات الرسمية وارتيابها ، وانتقاد وغضب الشوفينيين المفعمين بروح الدولة الكبرى. وقد كتب أحدهم ، وهو ن. أي. ايلمينسكي (١٨٤٢ ـ ١٨٩١) : «المتعصب بدون التعليم الروسي واللغة الروسية أفضل نسبيّا من التتري المتمدن على الطريقة الروسية ، والاريستقراطي اسوأ من هذا الأخير وذو التحصيل الجامعي اسوأ أيضا» (١). وقد وافقه في الرأي ف. تشيريفانسكي ، عضو «المداولة الخاصة في شؤون الإيمان» ، ومؤلف عدد من البحوث كان بهاؤها بمثابة تحذير من «خطر فادح» مزعوم يتهدد بلدان أوروبا من جانب العالم الإسلامي (٢). ولكن الآراء من هذا النوع لقيت الرد والصدّ سواء في الصحافة الديموقراطية الروسية أم في بحوث المستشرقين الروس الحقيقيين (٣).
ومن قلق الأوساط الحاكمة بصدد الوضع في المناطق الإسلامية من الامبراطورية الروسية ، نبعت ضرورة جمع المعلومات الموضوعية بشأن مجموعة القضايا المتعلقة بدور الإسلام في الحياة الإجتماعية والسياسية للسكان المسلمين في روسيا ، بما فيها قضية حج المسلمين من رعايا روسيا. وبناء على أمر من محافظ تركستان س. م. دوخوفسكي ،
__________________
(١) ن. أي. ايلمينسكي. رسائل. قازان ، ١٨٩٥ ، ١٧٤ ـ ١٧٥.
(٢) راجع ، مثلا ، ف. تشيريفانسكي. عالم الإسلام ويقظته. المجلد ١ ـ ٢. سانت بطرسبورغ ، ١٩٠١ ؛ تشيريفانسكي أيضا : ملاحظة بصدد شؤون إيمان السنة. سانت بطرسبورغ ، ١٩٠٦.
(٣) راجع. مثلا ، أ. كريمسكي. الإسلام ومستقبله. موسكو ، ١٨٩٩ ؛ ف. ف. بارتولد. الفكرة التيوقراطية والسلطة الدنيوية في الدولة الإسلامية. سانت بطرسبورغ ، ١٩٠٣.