تقيم في المعتاد على جانبي الفج بين الصخور أو في الشوارع تحت الأسيجة.
بعد أن يستقر الحجاج بنحو أو آخر ، يمضون إلى الحفر المعدة لذبح المواشي المذكورة أعلاه ، ويشترون هناك الخرفان ، ويذبحونها على طرف حفرة ، ويتركونها هناك ؛ ولكن إذا كان الخروف المذبوح مدهنا إلى هذا الحد أو ذاك ، فيتوافد الحجاج المعدمون ، ويطلبون التصدق عليهم بالذبيحة ، ويقصون منها أفضل القطع لكي يعيئوا لأنفسهم ، كما علمت فيما بعد ، احتياطيا من اللحم المقدد. وحوالي الظهر ، يدفعون جميع الماشي المذبوحة مع جلودها إلى الحفر ويطمرونها بشريحة رقيقة من التراب. وفي المساء تتكرر هذه العملية بالنسبة للأضاحي الجديدة. وجميع الأعمال قرب الحفر يقوم بها الجنود.
كل حاج يضحي ببضعة خرفان أو مواعز ، منها واحد على نيّته ، والأخرى بتكليف من أقاربه ، ولراحة نفوس الموتى ، أو أيفاء بوعد ، وهكذا ذبح أحد مسلمينا في هذه السنة أكثر من ٦٠ خروفا. ولكن كثيرون من الفقراء غير ملزمين بهذا الواجب. وإذا أخذنا العدد الأدنى فقط ، وحسبنا أن كل حاج يذبح بالمتوسط خروفا ونصف خروف فقط ، فإن عدد المواشي المذبوحة بهذه الطريقة بدون أي نفع يبلغ رقما هائلا ـ ١٥٠ ألفا ، نظرا لعدد الحجاج في هذه السنة وهو ١٠٠ ألف. وهذا الذبح يجري في جميع الأيام الثلاثة من إقامة الحجاج في منى ، الأمر الذي يشكل خطرا رهيبا يهدد بنشوء بؤرة للاوبئة نظرا للمناخ الحار ولغياب الشروط الصحية.
في اليوم التالي (اليوم الحادي عشر من ذي الحجة) ، طفت في منى وفي مخيم الحجاج فلاحظت أن الشارع الرئيسي في منى بقي غير قذر جدّا ، ولكن حين تنحيت جانبا ، بين الجبال والمباني ، ذهلت من حال هذه المحلة الرهيب. كانت التربة كلها مكسوة بالعظام مع بقايا اللحم