يعتبرون لغتهم ، وليس بدون بعض المبررات أغلب الظن ، لغة فائقة الغنى ، قوية التعبير ، وأحسن لغات العالم وقعا على الاذن ، وأكثرها اناقة.
فضلا عن دراسة اللغة العربية بصورة عملية ، أخذت دروسا في «علم التجويد» الذي يتلخص في صحة نطق آيات القرآن الكريم ، لأن أهل المدينة المنورة يعتبرون خيرة قراء ومفسري الكتاب المقدس. وكثيرون منهم يعرفونه بكليته غيبا. تعلمت عند معلم ، من سلالة النبي ، اسمه علي أفندي زغيري. اخلاف النبي يسمونهم «بالأسياد» ولذا كانوا يسمون معلمي «بالشيخ السيد علي زغيري». ولكل سيد ، عدا ذلك ، لقب «الشريف» ؛ والاسياد يحملون في الحزام خنجرا أعوج دليلا على تميزهم.
وقد تبين أن السيد علي أفندي ، كما كان ينبغي التوقع نظرا لأصله الرفيع ، كان إنسانا متعلما ، محبّا للاطلاع ، ولطيفا جدّا. في سنة ١٨٩٨ جاب في ربوع آسيا الوسطى وروسيا ، وزار مدينة أوفا حيث كان من حسن حظي أن ازوره. وقد عرفني في الحال ، وسرّ باللقاء على ما يبدو. أمضينا معا أمسيتين ، متحادثين عن روسيا وعن الجزيرة العربية ، ومتذكرين ، فيما تذكرنا ، المدينة المنورة ودروسنا. وغني عن البيان انه لقى من جانب المسلمين في كل مكان ، بوصفه ضيفا رفيع المقام ، ومبجلا ، ونادرا ، الاحترام اللائق والاستقبال المناسب [...].
في المدينة المنورة تسنى لي أن احضر محاكمة ، ولكن بصفة شاهد.
قبل سفرنا ببضع سنوات توفي في المدينة المنورة حاج ، بشكيري من انحائنا ، تاركا زوجة وأولادا. وبموجب القاعدة العامة السارية المفعول ، أخذوا أموال المتوفي ، حتى حضور ومطالبة ورثته الشرعيين إلى بيت المال أي إلى مؤسسة تشرف على أموال وتركات الموتى.