وينبغي أن يجتنبوا اللذات جملة وإن كانت مباحة ، وأمّا الفواحش فلا تباح لأحد أصلا ، لأنّه لا سبيل إلى الانتفاع في الحرب بكلّ مائل إلى اللذّات والانخراق في الملابس والحلي ، وواحد من أهل البصائر والجد خير من ألف من أهل البطالة والصّلف ، بل كلّما كثرت هذه الطبقة الخسيسة كانوا أضّر على من استنصر بهم لأنّهم مؤونة بلا معونة مائلين إلى كلّ طمع.
ويجعل على كلّ ثمانية من الجند ناظرا ويعقد له عقدة ، وعلى كلّ خمسة نظّار عريفا ويعقد له بندا [م ٢٥] وعلى كلّ خمسة عرفاء نقيبا ويعقد له لواء ، وعلى كلّ خمسة نقباء قائدا ويعقد له علما ، وعلى كلّ خمسة قوّاد أميرا ويعقد له راية إن كثر الجند.
ويرتّب لهم أرزاقا معلومة لكلّ طائفة على قدر الكفاية لا يطمع أحد منهم أن يزاد فيها فلس فما فوقه ، فمن أبلى منهم وأراد الأمير أو الإمام الإحسان إليه وصله صلة غير مرتبة ، لأنّه إن تعدّى [س ٤٩] هذا العمل انفتحت له أبواب الطّمع التي لا يقدر فاتحها على غلقها أبدا بل يؤدي ضمانا ولا بدّ إلى الهلكة وهلاك الناحية التي هم فيها وهلاكهم.
وإنّما رتّبنا الرتبة التي ذكرنا لأنّ العدد إذا كثر لم يقدر الأمير ، فكيف الإمام ، على مباشرتهم ولقائهم بنفسه ، لكن يأمر الإمام أو الأمير الواسع النظر أمراءه ، ويأمر كلّ أمير منهم قوّاده ، ويأمر كلّ قائد منهم نقباءه ، ويأمر كلّ نقيب منهم عرفاءه ، ويأمر كلّ عريف منهم نظّاره ، ويأمر كل ناظر منهم فرسانه ورجّالته ، فيتمّ كلّ أمر ـ وإن عظم ـ من ساعته.
وقد كان للمسلمين في أيّام رسول الله صلىاللهعليهوسلم عرفاء ونقباء ورؤساء