بخصائصها المنيفة حظوة عند الله وإيثارا ، فعزّت جنابا وكرمت أنصارا. جزيرة الأندلس أزكى تربة راقت صفحة ومحيّا ، وفازت بمدخور فضل الشهادة أعمار أهلها مماتا ومحيا ، فخبرها طريف ، وأمرها على سائر الأقطار منيف ، لأنّها بين بحر زخّار ، وعدوّ جرّار ، ملازمين أهلها في الليل والنهار ، والروم بها أمم كثيرة مختلفة لا يعلمهم إلا الله تعالى ، والحرب بينهم وبين المسلمين على قلّتهم بالإضافة إليهم لم تزل سجالا ، تارة حال نصر واقتدار ، وتارة حال تمحيص واختبار ، فسبحان العزيز القهّار الذي كلّ شيء عنده بمقدار.
روي عن عائشة (١) رضياللهعنها أنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : سينقطع الجهاد والرباط إلا بجزيرة يقال لها الأندلس بالمغرب الأقصى ، المرابط فيها أفضل من شهيد يتشحّط في دمه.
وروي أيضا عنها أنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أفضل رباط على وجه الأرض جزيرة الأندلس ، شرقيّها عدوّ وغربيّها عدوّ وقبليّها عدوّ وجوفيّها / [س ٢١] عدوّ.
وروى ابن عباس (٢) رضياللهعنه قال : قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما من
__________________
(١) عائشة ٩ ق. ه ـ ٥٨ ه ـ ٦١٣ ـ ٦٧٨ م : عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان ، من قريش ، أفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالدين والأدب. تزوجها النبي (صلىاللهعليهوسلم) في السنة الثانية بعد الهجرة ، وكانت أحب نسائه إليه وأكثرهن رواية للحديث ، وكان لها موقف من خلافة عليّ وحاربته في موقعة الجمل. وتوفيت في المدينة ـ الأعلام ٣ : ٢٤٠.
(٢) ابن عباس ٣ ق. ه ـ ٦٨ ه ـ ٦١٩ ـ ٦٨٧ م : عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي أبو العباس ، حبر الأمة ، الصحابي الجليل ، ولد بمكة ونشأ في بدء عصر النبوة ، ولازم الرسول (صلىاللهعليهوسلم) وروى عنه الأحاديث الصحيحة وشهد مع علي موقعة الجمل وموقعة صفين.
كف بصره في آخر عمره فسكن الطائف وتوفي بها. عن الأعلام ٤ : ٩٥.