ويجوز ذبح الأنعام للأكل ومنعه بعضهم ، والجواز أكثر وأشهر. فعلى الجواز ينتفع ذابحها بجلودها إن احتاج إليها ، فإن استغنى عنها ردّها إلى المغنم ، ويجوز الأكل لمن معه طعام ولمن لا طعام له ، ولكن بقدر الحاجة ، فإن فضل منه شيء بعد الرجوع إلى دار الإسلام وتفرّق الجيش تصدّق به إن كان كثيرا ، وينتفع به إن كان يسيرا (١).
قال ابن حبيب : من السنّة أن لا يقسم مطعم ولا مشرب ، ومن أصابه أحقّ به إلّا أن يواسي فيه أو يكون فيه فضل عن حاجته ، وله أن ينفق منه إلى منصرفه ، فما فضل تصدّق به ، ولا ينفقه في أهله إلا التّافه مثل يسير من قديد وكعك والحجّة في ذلك حديث الجراب (٢) :
روي أنّ رجلا غنم جراب شحم في محاصر خيبر فنازعه فيه صاحب المغانم. فقال الرجل : لا والله حتّى أذهب به إلى أصحابي. فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خلّ بين الرجل وبين جرابه يذهب به إلى أصحابه (٣).
وقال ابن القاسم (٤) في الرجل يغنم الطعام والودك من منازل الرّوم فيقدم على أهله فيأكله في القرار :
__________________
(١) انظر شرح السير الكبير ٤ : ١١٨٤ برقم : ٢٢٠٥.
(٢) السيرة النبوية ٢ : ٨٠٢ وسنورد الحديث بتمامه في التعليق التالي.
(٣) الخبر بتمامه كما ورد في السيرة النبوية ٢ : ٨٠٢ (نبذ من ذكر وادي القرى) قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن مغفل المزنيّ قال : أصبت من فيء خيبر جراب شحم فاحتملته على عاتقي إلى رحلي وأصحابي قال : فلقيني صاحب المغانم الذي جعل عليها ، فأخذ بناحيته (لعلها بناصيته) وقال : هلم هذا نقسمه بين المسلمين ، قال : قلت : والله لا أعطيكه ؛ قال : فجعل يجاذبني الجراب. قال : فرآنا رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) ونحن نصنع ذلك. قال : فتبسم رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) ضاحكا ثم قال لصاحب المغانم : لا أبالك ، خل بينه وبينه قال : فأرسله ، فانطلقت به إلى رحلي وأصحابي فأكلناه.
(٤) ابن القاسم ١٣٢ ـ ١٩١ ه ـ ٧٥٠ ـ ٨٠٦ م : عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة ـ