وقد جمع الله تبارك وتعالى تدبير الحرب كلّها في آيتين من كتابه (١) العزيز فقال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)(٢).
قيل لأكثم بن صيفي (٣) : صف لنا العمل في الحرب. قال : أقلّوا الخلاف على أمرائكم فلا جماعة لمن اختلف عليه ، واعلموا أنّ كثرة الصياح من الفشل ، وربّ عجلة / [س ٨٦] تعقب ريثا ، فتلبثوا فإنّ أحزم الفريقين الركين (٤).
وقالت عائشة رضياللهعنها يوم الجمل (٥) وسمعت منازعة القوم وكثرة صياحهم : المنازعة في الحرب خور ، والصياح فيها فشل.
__________________
(١) في سراج الملوك ٢ : ٦٩٠ : قال بعض الحكام : قد جمع الله تعالى آداب الحرب في قوله تعالى .. وذكر الآيتين وكذلك في عيون الأخبار ١ : ١٠٨.
(٢) سورة الأنفال ٨ / الآيتان ٤٥. ٤٦.
(٣) أكثم بن صيفي ت ٩ ه ـ ٦٣٠ م : بن رباح بن الحارث بن مخاشن بن معاوية التميمي ، حكيم العرب في الجاهلية ، وأحد المعمرين ، عاش زمنا طويلا وأدرك الإسلام وقصد المدينة في مئة من قومه يريدون الإسلام ، فمات في الطريق ، ولم ير النبي (صلىاللهعليهوسلم) ، وأسلم من بلغ المدينة من أصحابه. وهو المعني بالآية (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) عن الأعلام ٢ : ٦.
(٤) الخبر في العقد ١ : ٩٧ وتمام القول في العقد : وربّ عجلة تعقب ريثا ، وادّرعوا الليل فإنه أخفى للويل وتحفظوا من البيات وورد أيضا في سراج الملوك ٢ : ٦٩٠ على النحو التالي : واستوصى قوم أكثم بن صفيّ في حرب أرادوها فقال : أقلّوا الخلاف على أمرائكم ، واعلموا أن كثرة الصياح فشلّ ، ولا جماعة لمن اختلف ، وتثبتوا فإن أحزم الفريقين الركين. وانظر عيون الأخبار ١ : ١٠٨. انظر أخبار يوم الجمل في العقد ٤ : ٣١٣.
(٥) العقد ١ : ٩٧ وتمام قولها : وما برأيي خرجت مع هؤلاء.