في الأمور المحصنة من التغرير
الداعية إلى النّصر في الحرب
اعلم أنّ عماد كلّ صناعة ، وثبات كلّ جماعة ، القيّم العالم بالسياسة ، المتحمّل للرياسة. فيجب أن يكون صاحب الجيش مطبوعا في صناعته ، شجاعا في إقدامه ، جبانا في تحرّزه ، صادقا في نيّته ، مستيقظا في حركته ، ذكيا في بديهته ، رؤوفا في رعيته ، فإذا اجتمع [س ١٢٢] لمقدّم الجيش ما ذكرناه تولّد في فكره من أنواع الحيل ووجوه المكايد في حال يتصرّف فيها من محاربة عدوّه ما يكون مؤدّيا للظّفر.
فأول هذه الصفات السياسية : لين في غير ضعف ، وشدة في غير عنف ، وحسن السياسة يولّد الرياسة ، قدّم الخوف على الرجاء ، احذر العجل تأمن الزلل ، تقحّم الحرب يشجّع القلب ، من تهيّب عدوّه جهّز إلى نفسه جيشا ، الهزيمة تحلّ العزيمة. الحيل أبلغ من العمل. الرأي السديد أجرأ من الأيّد الشديد. أظهر خلاف عزمك مورّيا عنه. احسم الأراجيف من جواسيس عدوّك. شدّة الصبر فاتحة النصر. توقّ مشاورة الجاهل. لا تشاور من تميل به رغبته أو رهبته.
خلّ العدوّ حتّى يزحف إليك. ارتصد الفرص حتّى يقال أبطأ. التأخّر بعد التمكّن هزيمة. التسرّع في غير قوّة يورث النكث. يسير النكث يكسر معظم العسكر. دار القلوب بما يقوّيها. قدّر زحفك وزحف العدوّ إليك. قدّم