وقد روي ذلك عن عمر بن الخطّاب رضياللهعنه (١).
ومن خطب بعض العلماء في مثل ذلك :
اعلموا ـ رحمكم الله ـ أنّه لا يصلح الجهاد بغير اجتهاد ، كما لا يصلح السّفر بغير زاد ، فقدّموا مجاهدة القلوب قبل مباشرة الحروب ، ومغالبة الأهواء قبل محاربة الأعداء ، وبادروا بإصلاح السرائر فإنّها من أنفس العدد والذخائر ، وادّخروا صلاح الأعمال عدّة لدفع الشدائد والأهوال ، فبالعمل الصالح يقبل الدعاء ، ويصرف البلاء ، ويأنس المؤمن في قبره [س ٢٧] ويأمن في حشره ، ثمّ يوطّن نفسه على المرتبة العليا والدّرجة العظمى وهي الشهادة ، فبذلك يبلغ منازل الشهداء ، وإن فاز بالسّلامة والغنيمة.
روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : من طلب الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه (٢). وقد تقدّم ذكر هذا الحديث في بابه.
والله تعالى يعصم المسلم من أن يخرجه الطّمع في عرض الدّنيا عن ذلك ، قال الله العظيم : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)(٣).
__________________
(١) عمر بن الخطاب ٤٠ ق. ه ـ ٢٣ ه ـ ٥٨٤ ـ ٦٤٤ م : عمر بن الخطاب بن نفيل القرشيّ العدويّ أبو حفص ، ثاني الخلفاء الراشدين ، أول من لقب بأمير المؤمنين ، الصحابي الجليل الشجاع الحازم ، صاحب الفتوحات ، يضرب بعدله المثل ، كان في الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم. أسلم قبل الهجرة بخمس سنين وشهد الوقائع. بويع بالخلافة يوم وفاة أبي بكر سنة ١٣ ه. قتله أبو لؤلؤة فيروز الفارسي غيلة بخنجر في خاصرته وهو في صلاة الصبح.
الإصابة ٤ : ٢٧٩ برقم ٥٧٣١ والأعلام ٥ : ٤٥.
(٢) تقدم ذكره. وهو في الترمذي ٤ : ١٨٣ برقم : ١٦٥٣ بلفظ : من سأل وكذلك في صحيح مسلم.
(٣) الأنفال ٨ / ٦٧.