وقال دريد بن الصمّة (١) لمالك بن عوف النّصري (٢) قائد هوازن يوم حنين (٣) :
يا مالك ، إنّك قد أصبحت رئيس قومك ، وإنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام. مالي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير (٤)؟
قال : سقت مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم.
قال : ولم ذلك؟
قال : أردت أن أجعل خلف كلّ رجل أهله وماله ليقاتل عنهم.
فأنقض به (٥) دريد ثم قال : راعي ضأن والله ، وهل يردّ المنهزم شيء؟!!
__________________
(١) دريد : ت ٨ ه ـ ٦٣٠ م : دريد بن الصمة الجشميّ البكري من هوازن ، شجاع ، من الأبطال الشعراء المعمرين في الجاهلية ، كان سيد بني جشم وفارسهم وقائدهم ، وغزا نحو مئة غزوة لم يهزم في واحدة منها. وعاش حتى ذهب حاجباه عن عينيه ، وأدرك الإسلام ولم يسلم ، فقتل على دين الجاهلية يوم حنين (٨ ه) وكانت هوازن خرجت لقتال المسلمين فاستصحبته معها تيمنا به وهو أعمى. فلما انهزمت جموعها أدركه ربيعة بن رفيع السلمي فقتله. وله أخبار كثيرة ، والصّمة لقب أبيه معاوية بن الحارث. الأعلام ٢ : ٣٣٩ والأغاني ١٠ : ٣ والسيرة النبوية ٢ : ٨٨٤.
(٢) مالك بن عوف ت ٢٠ ه ـ ٦٤٠ م تقريبا : مالك بن عوف بن سعد بن يربوع النصري ، من هوازن ، صحابي من أهل الطائف. كان رئيس المشركين يوم حنين. قاد هوازن كلها لحرب رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) ، وكان من الجرارين (ولم يكن الرجل يسمّى جرارا حتى يرأس ألفا) ثم أسلم وشهد القادسية وفتح دمشق. وكان شاعرا رفيع القدر في قومه. استعمله النبي (صلىاللهعليهوسلم) عليهم. وكانت له دار في دمشق تعرف بدار بني نصر. عن الأعلام ٥ : ٢٦٤.
(٣) يوم حنين سنة ٨ ه. انظر السيرة النبوية ٢ : ٨٨٤.
(٤) في السيرة : ويعار الشاء.
(٥) فأنقض به أي زجره من الإنقاض ، وهو أن تلصق لسانك بالحنك الأعلى ثم تصوت في حافتيه من غير أن ترفع طرفه عن موضعه. أو هو التصويت بالوسطى والإبهام كأنك تدفع بهما شيئا ، وذلك حين تنكر على غيرك قولا أو عملا. عن حاشية العقد ١ : ١٣٣.