وقال عتبة بن ربيعة يوم بدر لأصحابه لمّا نظر إلى عسكر النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أما ترونهم خرسا لا يتكلمون يتلمّظون تلمّظ الحيّات (١).
قال الله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)(٢) فقوله سبحانه «ما استطعتم» مشتمل على ما في مقدور البشر من العدّة والآلة والحيلة ، وفسّر النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ القوّة بالرمي (٣).
وكان بعض الصحابة إذا أراد الغزو لا يقصّ أظفاره ويتركها عدّة ويراها قوّة (٤).
قال مسلمة بن عبد الملك : ما أخذت أمرا قطّ بحزم فلمت نفسي فيه وإن كانت العاقبة عليّ ولا أخذت أمرا قط وضيّعت الحزم فحمدت نفسي فيه وإن كانت العاقبة لي(٥).
وكان بعض أهل التمرّس بالحرب يقول لأصحابه : شاوروا في حروبكم الشجعان من أولي العزم والجبناء من أولي الحزم ، فإنّ الجبان لا يألو برأيه ما يقي مهجكم ، والشجاع لا يعدو ما يشدّ به نصرتكم ثمّ خلصوا
__________________
(١) الخبر في العقد ١ : ٩٧ وعيون الأخبار ١ : ١٠٨
وورد في سراج الملوك ٢ : ٦٩٠ : وقال عتبة بن ربيعة يوم بدر لأصحابه : ألا ترون أصحاب محمد جثيا على الرّكب كأنهم خرس يتلمظون تلمظ الحيات.
ومعنى قوله : يتلمظون ... أي يخرجون ألسنتهم كالحيات كناية عن الغيظ والتحفّز
(٢) الأنفال ٨ / من الآية ٦٠.
(٣) جاء في سراج الملوك : ٦٧٨ : فقوله تعالى (مَا اسْتَطَعْتُمْ) مشتمل على كل ما في مقدور البشر من العدة والآلة والحيلة. وفسّر النبيّ (صلىاللهعليهوسلم) القوة ، فمّر على أناس يرمون فقال : ألا إنّ القوة الرمي ، ألا إنّ القوة الرمي ، ألا إنّ القوة الرمي»
(٤) سراج الملوك ٢ : ٦٧٨.
(٥) العقد ١ : ١٢٢.