من الرأيين نتيجة تحمل عنكم معرّة الجبناء وتهوّر الشجعان ، فتكون أنفذ من السهم الوالج ومن الحسام الدالج (١).
قال عمرو بن العاصي لمعاوية : والله ـ يا أمير المؤمنين ـ ما أدري أشجاع أنت أم جبان؟!! فقال :
شجاع إذا ما أمكنتني فرصة |
|
وإن لم تكن لي فرصة فجبان (٢) |
قال بعض الحكماء : انتهز الفرصة فإنها خلسة وثب عند رأس الأمر ، ولا تثب عند / [س ٨٧] ذنبه ، وإياك والعجز فإنه أوطأ مركب (٣).
وقال شبيب الحروريّ : الليل يكفيك الجبان ونصف الشجاع ، وكان إذا أمسى يقول لأصحابه : أتاكم المدد (٤).
وقيل لبعضهم : أيّ المكيدة في الحرب أحزم؟
قال : إذكاء العيون ، وإفشاء الغلبة واستطلاع الأخبار ، وإظهار السرور وإماتة الفرق ، والاحتراس من البطانة من غير إقصاء لمستنصح ولا استنصاح لمستغشّ ، وإشغال الناس عمّا هم فيه من الحرب بغيره (٥).
قال حبيب بن أوس (٦) :
__________________
(١) العقد : ١ : ١٢٣.
(٢) الخبر والشعر في العقد ١ : ٩٩.
(٣) العقد ١ : ٩٨.
(٤) العقد ١ : ٩٧.
(٥) عيون الأخبار ١ : ١١٢ والعقد ١ : ١٢٢. والفرق : الخوف.
(٦) حبيب بن أوس ١٨٨ ـ ٢٣١ ه ـ ٨٠٤ ـ ٨٤٦ م : هو أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث الطائي ، الشاعر الأديب ، أحد أمراء البيان ، ولد في جاسم من قرى حوران بسورية ورحل إلى مصر ، واستقدمه المعتصم إلى بغداد فأجازه وقدّمه على شعراء وقته ، فأقام في العراق ، ثم ولي بريد الموصل ، فلم يتمّ سنتين حتّى توفي فيها ، كان يحفظ كثيرا من الشعر وترك تصانيف منها كتاب الحماسة والوحشيات ونقائض جرير والأخطل إضافة إلى ديوانه.