وروي أنّ عينا من المشركين جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلمّا طعم انسلّ ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : عليّ بالرّجل ، اقتلوه ، فابتدره القوم ، فسبقهم سلمة ابن الأكوع (١) فقتله فنفّله النبيّ صلىاللهعليهوسلم سلبه (٢).
فعلى هذا كله يجب على الأمير تصفّح جيشه واستعراض قومه واستنفاض عسكره.
وعليه أن يكون أسوة لأهل عسكره جهده في أحواله وأقواله ، وأن يشاور أهل الرأي والحنكة ، قال الله تعالى : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)(٣) واختلف الناس في هذا الأمر للنبيّ صلىاللهعليهوسلم مع ما أيده الله به من التوفيق ، وأعانه به من التأييد ، فقيل : إنّه ليستقرّ له الأمر الصحيح فيعمل عزمه ، وقيل : ذلك لما في المشاورة من الفضل والنّفع والأدب مع الأصحاب ، وقيل : إن ذلك ليستنّ به المسلمون ويتبعه به المؤمنون ، وإن كان عن مشاورتهم غنيّا ، قال الحسن (٤) : ما تشاور قوم إلّا هدوا لأرشد أمرهم (٥).
__________________
(١) سلمة بن الأكوع ت ٧٤ ه ـ ٦٩٣ م : سلمة بن عمرو بن سنان الأكوع الأسلمي ، صحابي ، من الذين بايعوا تحت الشجرة ، غزا مع النبي (صلىاللهعليهوسلم) سبع غزوات منها الحديبية وخيبر وحنين وكان شجاعا بطلا راميا عدّاء ، وهو ممن غزا إفريقية في أيام عثمان. توفي بالمدينة. عن الأعلام ٣ : ١١٣ والإصابة ٣ : ١١٨ برقم : ٣٣٨٢.
(٢) البخاري : الجهاد والسير. حديث برقم : ٢٨٢٣.
(٣) سورة آل عمران : ٣ : ١٥٩.
(٤) ربما كان يريد الحسن البصري ٢١ ـ ١١٠ ه ـ ٦٤٢ ـ ٧٢٨ م واسمه الحسن بن يسار أبو سعيد ، تابعي ، إمام البصرة وحبر الأمة في زمنه ، وهو أحد العلماء الفقهاء الفصحاء الشجعان النساك ، ولد بالمدينة وشب في كنف عليّ بن أبي طالب ، واستكتبه الربيع بن زياد والي خراسان في عهد معاوية وسكن البصرة وعظمت هيبته في القلوب. عن الأعلام ٢ : ٢٢٦.
(٥) الأحكام السلطانية : ٤٣.