وعن أبي سعيد الخدري (١) أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال في غزوة غزاها بني لحيان : يبعث من كلّ رجلين رجل والأجر بينهما (٢).
ففي تخلّفه صلىاللهعليهوسلم عن الخروج إلى الجهاد مع السرايا مع إذنه في أن ينبعث من كل رجلين رجل ، دليل على أنّ فرض الجهاد ساقط عن الناس إذا قام به منهم من فيه الكفاية.
فدلّ كتاب الله سبحانه والأخبار الواردة عن رسوله صلىاللهعليهوسلم على أنّه إن قام بالجهاد بعض المسلمين سقط فرضه عن الباقين. وسنذكر بعد حيث يتعيّن فرضه إن شاء الله تعالى(٣).
وفائدة القيام به : سدّ الثغور وعمارتها وحراستها وحفظها بالمنعة والعدد.
وقد ناط الشّارع به فروضا وأحكاما ، فمن فروضه :
النية لقول الله عزوجل : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ
__________________
(١) أبو سعيد الخدري ١٠ ق. ه ـ ٧٤ ه ـ ٦١٣ ـ ٦٩٣ م : سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري الخزرجيّ ، أبو سعيد ، صحابيّ ، كان من ملازمي النبي (صلىاللهعليهوسلم) وروى عنه أحاديث كثيرة. غزا اثنتي عشرة غزوة. وتوفي بالمدينة. الإصابة ٣ : ٨٥ برقم : ٢١٨٩ والأعلام ٣ : ٨٧.
(٢) عن أبي سعيد الخدري أن الرسول (صلىاللهعليهوسلم) بعث إلى بني لحيان فقال : لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما» عن صحيح مسلم.
(٣) انظر شرح السّير الكبير ١ : ١٨٧ ونورد ما فيه مختصرا : قال أبو حنيفة رحمهالله : الجهاد واجب على المسلمين ، إلا أنهم في سعة من ذلك حتى يحتاج إليهم ، فكان الثوري يقول : القتال مع المشركين ليس بفرض ، إلا أن تكون البداية منهم فحينئذ يجب قتالهم. قال السرخسيّ : والحاصل أن الأمر بالجهاد وبالقتال نزل مرتبا ... وذكر ترتيب ذلك وانتهى إلى أن المسلمين أمروا بالقتال مطلقا لإعزاز الدين وقهر المشركين فإذا حصل المقصود بالبعض سقط عن الباقين .. لأنه بدون سائر الأشغال لا يتم أمر الجهاد ، فلهذا كان فرضا على الكفاية.