وإن تترّسوا بأسارى مسلمين لم نقصد الترس وإن خفنا منهم ، لأنّ دم المسلمين لا يباح بالخوف إلّا أن يكون ذلك في صفّ القتال ، ولو تركناهم لا نهزم المسلمون وعظم الشرّ وخيف استئصال قاعدة الإسلام أو جمهور أهل القوّة من المسلمين ، وجب علينا الدفع حينئذ ولم نراع الترس على ذلك (١).
ويجب التحرّز من قتل مسلم في أيديهم ، فمن علم بأنّه مسلم فقتله لزمه الدّية والكفّارة ، وإن لم يعلم أنه مسلم لزمه الكفّارة وحدها (٢).
وإن تترّسوا بنسائهم وأطفالهم توقّي قتل النساء والأطفال ، وعمد إلى قتل المقاتلة ، فإن لم يوصل إليهم إلّا بقتل نسائهم وأطفالهم جاز ذلك (٣) ، ولا يستعان بأحد من المشركين ولا ببعضهم على بعض ، قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إنّا لا نستعين بمشرك (٤). وقيل : إنّ هذا في الصفّ والزّحف وشبه
__________________
ـ بشرح صحيح البخاري ط دار الفكر ـ بيروت ٧ : ٣٢٩ ـ ٣٣٥ وفي السيرة ٢ : ٩١٩ في ذكر غزوة الطائف أن رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) نزل تحت سدرة يقال لها : الصادرة ، قريبا من مال رجل من ثقيف فأرسل إليه رسول الله : إما أن تخرج وإما أن نخرب عليك حائطك. فأبى أن يخرج فأمر رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) بإخرابه.
وجاء في شرح السير الكبير ٤ : ١٥٥٤ قد بيّنا أنه لا بأس بتحريق حصونهم وتغريقها ماداموا ممتنعين فيها ، سواء كان فيها قوم من المسلمين أسراء أو مستأمنين أو لم يكونوا ، والأولى لهم إذا كانوا يتمكنون من الظفر بهم بوجه آخر ألا يقدموا على التغريق والتحريق.
(١) الأحكام السلطانية : ٤١ ، ٤٢.
(٢) الأحكام السلطانية : ٤٢.
(٣) الأحكام السلطانية : ٤١ ـ ٤٢.
(٤) إنا لا نستعين بمشرك : جاء في سنن الترمذي ٤ : ١٢٨ برقم : ١٥٥٨ عن عائشة أن رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) خرج إلى بدر ، حتى إذا كان بحرّة الوبر لحقه رجل من المشركين يذكر منه جرأة ونجدة فقال النبي (صلىاللهعليهوسلم) : تؤمن بالله ورسوله؟ قال : لا ، قال : ارجع فلن أستعين بمشرك. ـ