وقد يتعيّن فرض الجهاد في بعض الأحيان لسببين (١) :
أحدهما : أمر الإمام بالخروج للغزو فمن عيّنه تعيّن عليه.
والثاني : أن يفجأ العدوّ قوما لهم قوة على مدافعته فيتعيّن عليهم دفاعه وقتاله ، فإن لم يستقلّوا بذلك لزم من قاربهم أن يخرج إليهم ، فإن لم يستقلّ الجميع وجب على من علم بضعفهم وطمع في إدراكهم وعونهم المضيّ إليهم حتّى يندفع [س ٢٥] عنهم العدوّ.
ويسقط الوجوب عن الصبيّ والمجنون والمرأة والمريض والأعمى والأعرج الذي يعجز عن المحاربة والركوب وحبس السلاح عند الحاجة إلى ذلك.
وكذلك يسقط بالفقر وعدم نفقة الذهاب والإياب وبالرقّ إلا بإذن السيّد (٢) وبالأبوين إلّا بإذنهما إلّا أن يفجأ العدوّ مدينة أو محلّة أو يقع النّفير أو يكون الابن قد أوجبه على نفسه في وقت معيّن فلا يجوز المنع بوجه ولا يحتاج إذن جدّ ولا جدّة. وإن كان الأبوان كافرين فهما في ذلك
__________________
(١) جاء في السير الكبير وشرحه ١ : ١٩٩ برقم : ٢٣٦ ، فأما إذا جاء النفير عاما فقيل لأهل مدينة : قد جاء العدو يريدون أنفسكم أو ذراريكم أو أموالكم ، فلا بأس بأن يخرج بغير إذن والديه قال السرخسي : لأن الخروج في مثل هذه الحالة فرض عين على كل واحد ، قال تعالى : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) (التوبة ٩ / ٤١) وما يفوته بترك هذه الفريضة لا يمكنه استدراكه ، وما يفوته بالخروج بغير إذن الوالدين يمكنه استدراكه بعد هذا ، فيشتغل بما هو الأهم ، ولأن الضرر في تركه الخروج أعم ، فإذ ذلك يتعدى إليه وإلى والديه وإلى غيرهم من المسلمين.
(٢) في شرح السير الكبير ١ : ١٩٩ برقم : ٢٣٧ ، ولا ينبغي للعبد أن يجاهد بغير إذن مولاه ما لم يكن النفير عاما ، فإذا كان ذلك ، فله أن يخرج وليس لمولاه أن يمنعه من ذلك. قال السرخسي : لأن فرضية الخروج عند النفير العام كفرضية الصوم والصلاة وذلك مستثنى للعبد مما ملكه عليه مولاه.