الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً)(١) والله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآجلة ، فاستعينوا بالصدق عند اللّقاء ، والصّبر عند البلاء ، فإنّ بعد الصبر ينزل النصر.
وحرض أبو الهيثم الأنصاري (٢) وكان من أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عقبيّا بدرّيا ، فجعل يسوّي الصفوف ويقول : يا معاشر المسلمين ، إنّه ليس بين الفتح العاجل ، والجنة في الآجل إلا ساعة من نهار ، فأرسفوا أقدامكم وسوّوا صفوفكم وأعيروا جماجمكم ، واستعينوا بالله واصبروا إنّ الله مع الصابرين وإنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين.
وحرّض آخر فقال :
يا أيها الناس ، غضّوا الأبصار ، وعضّوا على النواجذ ، ثم استقبلوا القوم بهامكم ، وشدّوا شدّة قوم موتورين قد وطّنوا أنفسهم على الموت ، وطيّبوا عباد الله بدمائكم دون دينكم ، فإنّ الفرار فيه سلب العزّ وذلّ الحياة / [س ٦٠] والممات ، وعار في الدنيا والآخرة.
ثم اختصّ بالقول عصابة من قومه فقال :
عضضتم بصمّ الجندل ، ما أرضيتم ربّكم ولا نصحتم له في عدوّكم.
__________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ١٦.
(٢) أبو الهيثم الأنصاري ت ٢٠ ه ـ ٦٤١ م : مالك بن التّيهان الأنصاري الأوسي أبو الهيثم ، صحابي ، كان يكره الأصنام في الجاهلية ، ويقول بالتوحيد هو وأسعد بن زرارة ، وكانا أول من أسلم من الأنصار بمكة ، وهو أحد النقباء الأثني عشر. شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها. وتوفي في خلافة عمر. وقيل : شهد صفين مع علي. وقتل بها سنة ٣٧ ه. وكان شاعرا ، وله قصيدة في رثاء النبي (صلىاللهعليهوسلم) ، الإصابة ٦ : ٢٠ برقم : ٧٥٩٥ والأعلام ٥ : ٢٥٨.