فأنزل الله عزوجل / [س ٧٢](ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ)(١) ويكره تحريق النّخل وتغريقها إلّا أن يكثر انتفاع العدوّ بها ويؤثّر فيهم فقدها فيجوز ذلك (٢).
ويجوز تغوير مياههم وقطعها عنهم وإن كان فيهم نساء وأطفال لأنّه أقوى الأسباب في ضعفهم والظّفر بهم. وإذا استسقى منهم عطشان كان الأمير مخيّرا بين سقيه أو منعه كما هو بين قتله أو تركه إذا أسره ، ومن قتل منهم واراه عن الأبصار ، وقد أمر النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بإلقاء قتلى بدر في القليب ، وهي البئر غير المطويّة (٣) ، ولا يحرق بالنّار منهم حيّ ولا ميّت. روي أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : (لا تعذّبوا عباد الله بعذاب الله) (٤) وتحريق الأموات لا فائدة فيه من ألم ولا نكاية ، وفي المثل : (الشاة المذبوحة لا تألم للسّلخ) وقد نهي عن المثلة (٥) والحرق أشدّ منها.
__________________
(١) سورة الحشر : ٥٩ : ٥ جاء في الأحكام السلطانية بعد ذكر هذه الآية ص ٥٣ ما يلي :
وفي «لينة» أربعة أقوال : أحدها : أنها النخلة من أي الأصناف كانت .. وهذا قول مقاتل.
والثاني : أنها كرام النخل. وهذا قول سفيان.
والثالث : أنها الفسيلة لأنها ألين من النخلة.
والرابع : أنها جميع الأشجار للينها بالحياة.
(٢) الأحكام السلطانية : ٥٣ وشرح السير الكبير ٤ : ١٤٦٧ برقم : ٢٨٥٥.
(٣) انظر خبر إلقاء قتلى المشركين في القليب في السيرة النبوية ١ : ٤٦٨ في أخبار وقعة بدر.
(٤) الحديث في فيض القدير : ١٢ : ٦٤٤٢ برقم : ٩٨٣٠ : لا تعذبوا بعذاب الله. عن ابن عباس. قال محققه : أخرجه البخاري ٦ : ٣٠١٧ وأبو داود ٤ : ٤٣٥١ والترمذي ٤ : ١٤٥٨ والنسائي ٧ : ٤٠٧١ وابن ماجة ٢٥٣٥ والحاكم ٣ : ٥٣٩ وورد في سنن أبي داود ٤ : ١٢٦ برقم : ٤٣٥١ : حدثنا أحمد ابن محمد بن حنبل ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، أخبرنا أيوب عن عكرمة أن عليا عليهالسلام أحرق ناسا ارتدوا عن الإسلام فبلغ ذلك ابن عباس فقال : لم أكن لأحرقهم بالنار ، إن رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) قال : لا تعذبوا بعذاب الله. وكنت قاتلهم بقول رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) فإن رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) قال : من بدّل دينه فاقتلوه. فبلغ ذلك عليا عليهالسلام فقال : ويح ابن عباس.
(٥) الشاة المذبوحة لا تألم السلخ. ذكره الميداني في مجمع الأمثال ٢ : ٢١١ في الأمثال المولدة ـ