وعن معاذ بن جبل (١) رضياللهعنه قال : الطّاعم في سبيل الله كالصائم سرمدا في غيره ، وحسنة من حسنات المرابط كجميع حسنات العابد.
قال ابن حبيب : الرّباط هو شعبة من شعب الجهاد وبقدر خوف أهل ذلك الثّغر وتحرّزهم من عدوّهم يكون كثرة ثوابهم.
وقال ابن عمر : اغزوا مادام الغزو حلوا خضرا قبل أن يكون مرّا عسرا ، ثم يكون تماما ثم يكون رماما ثم يكون حطاما فإذا انتكأت المغازي وكثرت العزائم واستحلّت الغنائم فخير جهادكم الرباط.
تفسير ذلك : الثمام : الرطب من النبات. والرمام : اليابس والحطام : الذي ينكسر وينحطم. وقوله : انتكأت : تباعدت وقوله : العزائم : يريد حمل السلطان بشدّة الأمر عليهم.
والعزم فيما يشقّ عليهم لبعد المغزى وقلّة / [س ٢٠] عونهم عليه وغير ذلك.
وإن أسمى ثغر نالت به الهمم العلية مراتب وأقدارا ، وأكرم تربة رفع الإيمان بها علما ومنارا ، وحلّى بها الدين الحنيفيّ منبرا ورسم دينارا ، تربة لبست الجهاد في سبيل الله شعارا / [م ١٠] واستوجبت
__________________
(١) معاذ بن جبل ٢٠ ق. ه ـ ١٨ ه ـ ٦٠٣ ـ ٦٣٩ م : معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي ، أبو عبد الرحمن ، صحابي جليل ، كان أعلم الأمة بالحلال والحرام ، وهو أحد الستة الذين جمعوا القرآن الكريم على عهد النبي (صلىاللهعليهوسلم) وهو فتى وآخى النبي بينه وبين جعفر بن أبي طالب ، وشهد العقبة مع الأنصار السبعين وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله ، وبعثه رسول الله بعد غزوة تبوك قاضيا ومرشدا لأهل اليمن كان من أحسن الناس وجها وأسمحهم كفا مات بعد وفاة أبي عبيدة بطاعون عمواس بالأردن.