شديدا .. الحديث ، وفيه : ورجل في فئة في سبيل الله فانهزموا فصبر واستقبل العدوّ بنحره وقال : اللهمّ أنّي قد اخترتك اليوم. فيقول الله تعالى لملائكته : ما ذا يريد عبدي ـ وهو أعلم ـ انهزم أصحابه وبقي ، فيقولون : ربّنا يرجو رحمتك ويخشى عذابك. فيقول : ما كنت لأعذّبه وقد جاد لي بنفسه ، أشهدكم أنّي قد غفرت له ذنوبه وأبحته الجنة بحذافرها ، ينزل حيث شاء منها (١).
وأمّا من حمل وحده على الجيش فقال أشهب عن مالك : أخاف أن يكون ألقى بيده إلى التّهلكة. وليس ذلك سوى من كان في الجيش الكثيف فيحمل وحده مضطرّا فهذا خفيف والآخر غير مضطر. وأمّا من يحمل يريد السّمعة والتحدّث في الشجاعة فلا ، والشهيد من احتسب نفسه على الله.
وفي كتاب ابن حبيب : لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الكتيبة والجيش إذا كان ذلك لله ، وكانت فيه شجاعة ونجدة وقوّة.
ومثل ذلك قال ابن القاسم : أن يحمل على عشرة آلاف إذا كانت غلبته قوة وليس ذلك من الإلقاء إلى التّهلكة ، وإنما نزلت (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٢) في ترك الإنفاق في الجهاد. قال أبو أيوب
__________________
(١) في فيض القدير ثلاثة أحاديث بهذا المعنى عن أبي ذر ٦ : ٢٨٤٥ برقم : ٣٥٤٩ وهو صحيح وعن أبي ذر ٦ : ٢٨٤٦ برقم : ٣٥٥١ وعن ابن مسعود ٦ : ٢٨٤٧ برقم : ٣٥٥٢.
(٢) سورة البقرة ٢ : ١٩٥ ، جاء في زاد المسير ١ : ٢٠٢ ، ٢٠٣ : هذه الآية نزلت على سبب فيه قولان :
أحدهما : أن النبي (صلىاللهعليهوسلم) لما أمر بالتجهيز إلى مكة قال ناس من الأعراب : يا رسول الله بماذا نتجهز فو الله ما لنا زاد ولا مال. والثاني أن الأنصار كانوا ينفقون ويتصدقون فأصابتهم سنة فأمسكوا فنزلت. وفي المراد بالتهلكة ههنا أربعة أقوال : ـ